كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار مجنون بني عامر ونسبه

صفحة 335 - الجزء 2

  / وأنا أذكر⁣(⁣١) مما وقع إليّ من أخباره جملا مستحسنة، متبرّئا من العهدة فيها، فإن أكثر أشعاره المذكورة في أخباره ينسبها بعض الرّواة إلى غيره وينسبها من حكيت عنه إليه، وإذا قدّمت هذه الشريطة برئت من عيب طاعن ومتتبّع⁣(⁣٢) للعيوب.

  بدء تعشقه ليلى

  أخبرني بخبره في شغفه بليلى جماعة من الرّواة، ونسخت ما لم أسمعه من الروايات وجمعت ذلك في سياقة خبره ما اتّسق ولم يختلف، فإذا اختلف نسبت كلّ رواية إلى راويها.

  فممن أخبرني بخبره أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ وحبيب بن نصر المهلَّبيّ، قالا: حدّثنا عمر بن شبّة عن رجاله وإبراهيم بن أيوب عن ابن قتيبة، ونسخت أخباره من رواية خالد بن كلثوم وأبي عمرو الشّيباني وابن دأب وهشام بن محمد الكلبيّ وإسحاق بن الحصّاص وغيرهم من الرّواة.

  قال أبو عمرو الشّيبانيّ وأبو عبيدة: كان المجنون يهوى ليلى بنت مهديّ بن سعد بن مهديّ بن ربيعة ابن الحريش بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة وتكنى أمّ مالك، وهما حينئذ صبيان، فعلق كلّ واحد منهما صاحبه وهما يرعيان مواشي أهلهما، فلم يزالا كذلك حتى كبرا فحجبت⁣(⁣٣) عنه، قال: ويدل على ذلك قوله:

  صوت

  تعلَّقت ليلى وهي ذات ذؤابة⁣(⁣٤) ... ولم يبد للأتراب من ثديها حجم

  صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا ... إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم

  / في هذين البيتين للأخضر الجدّيّ لحن من الثّقيل الثاني بالوسطى، ذكره هارون بن محمد بن عبد الملك الزيات والهشاميّ.

  أخبرنا الحسين بن يحيى عن حمّاد بن إسحاق عن أبيه عن أيّوب بن عباية ونسخت هذا الخبر بعينه من خطَّ هارون بن محمد بن عبد الملك الزيّات قال: حدّثنا عبد اللَّه بن عمرو بن أبي سعد قال حدّثنا الحسن بن عليّ قال حدّثني أبو عتّاب⁣(⁣٥) البصريّ عن إبراهيم بن محمد الشافعيّ قال:

  بينا ابن مليكة يؤذّن إذ سمع الأخضر الجدّيّ يغنّي من⁣(⁣٦) دار العاص بن وائل:

  وعلَّقتها غرّاء ذات ذوائب ... ولم يبد للأتراب من ثديها حجم

  صغيرين نرعى البهم⁣(⁣٧) يا ليت أننا ... إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم


(١) في أ، م: «وأنا ذاكر».

(٢) كذا في ح. وفي سائر النسخ: «ومتبع».

(٣) في ت: «وحجبت» بالواو.

(٤) كذا في جميع النسخ، والذؤابة: شعر الناصية. وفي «ديوانه» وكتاب «الشعر والشعراء» في ترجمته: «وهي غرّ صغيرة». وفي «تزيين الأسواق»: «وهي ذات تمائم».

(٥) كذا في ت، ب، س، ح. وفي سائر النسخ: «أبو غيّاث النصريّ».

(٦) كذا في أغلب النسخ وفي ت: «في دار».

(٧) البهم: جمع بهمة وهي الصغير من أولاد الضأن والمعز والبقر من الوحش وغيرها، والذكر والأنثى في ذلك سواء.