أخبار عبد الصمد بن المعذل ونسبه
  إن يك جهل أتاك من قبلي ... فامنن بفضل عليّ من أدبك
  أنكرت شيئا فلست فاعله ... ولا تراه يخطَّ في كتبك
  هجاؤه لصديق كذوب
  حدّثني الأخفش، قال: حدّثنا المبرد، قال:
  كان لعبد الصمد بن المعذّل صديق كثير الكذب، كان معروفا بذلك، فوعده وعدا فأخلفه، ومطله به مطلا طويلا، فقال عبد الصمد:
  لي صاحب في حديثه البركة ... يزيد عند السّكون والحركة
  لو قال «لا» في قليل أحرفها ... لردّها بالحروف مشتبكه(١)
  شعره في هجاء بن المنجاب
  أخبرني جعفر بن قدامة قال: حدّثني سوّار بن أبي شراعة، قال:
  كان يحيى بن عبد السميع الهاشميّ يعاشر عبد الصمد بن المعذل، ويجتمعان في دار رجل من بني المنجاب له جارية مغنّية، وكان ينزل رحبة المنجاب بالبصرة، ثم استبدّ بها الهاشميّ دون عبد الصمد، فقال فيهم عبد الصمد:
  قل ليحيى(٢) مللت من أحبابي ... فلينكهم ما شاء من أصحابي
  / قد تركنا تعشّق المرد لمّا ... أن بلونا تنعّم العزّاب
  وشنئنا المؤاجرين فملنا ... بعد خبر إلى وصال القحاب(٣)
  حبّذا قينة لأهل بني المن ... جاب حلَّت في رحبة المنجاب
  صدّقت إذ يقول لي خلق الأح ... راح ليس الفقاح للأزباب(٤)
  حبّذا تلك إذ تغنّيك يا يح ... يى وتسقيك من ثنايا عذاب
  «ذكر القلب ذكرة أمّ زيد ... والمطايا بالسّهب سهب الركاب «(٥)
  حبّذا إذ ركبتها فتجافت ... تتشكى إليك عند الضّراب
  وتغنّت وأنت تدفع فيها ... غير ذي خيفة لهم وارتقاب
  «إن جنبي عن الفراش لناب ... كتجافي الأسرّ فوق الظَّراب «(٦)
  ليت شعري هل أسمعنّ إذا ما ... زاح عني وساوس الكتاب
(١) مشتبكة، في كل الأصول «مستكة» وهو تحريف.
(٢) في الأصول: «ملكت» تحريف.
(٣) شنئنا: أبغضنا. ح: «شنقنا» صواب هذه بالفاء. المؤاجر: الَّذي ينال الأجر لقاء الاستمتاع به. والخبر: الاختبار. وفي الأصول:
«بعد خير» تحريف.
(٤) الأحراح: الفروج. والفقحة: حلقة الدبر.
(٥) البيت لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص ٩٩. والسهب: موضع.
(٦) الأسر: البعير به ورم في جوفه. والظراب: جمع ظرب ككتف، وهو ما نتأ من الحجارة وكان طرفه حادا. وهذا البيت لمعد يكرب، كما في «اللسان» (سرر).