كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عبد الرحمن ونسبه

صفحة 181 - الجزء 13

  غضب معاوية على عبد الرحمن ثم عفوه عنه

  أخبرني إسماعيل بن يونس قال: حدّثني عمر بن شبّة قال: حدّثني المدائني عن شيخ من أهل مكة قال:

  / عرض معاوية على عبد الرحمن بن الحكم خيله، فمرّ به فرس فقال له: كيف تراه؟ فقال: هذا سابح. ثم عرض عليه آخر فقال: هذا ذو علالة. ثم مرّ به آخر فقال: وهذا أجشّ هزيم. فقال له معاوية: قد علمت ما أردت، إنّما عرّضت بقول النجاشيّ فيّ:

  ونجّى ابن حرب سابح ذو علالة ... أجشّ هزيم والرماح دوان⁣(⁣١)

  سليم الشّظي عبل الشّوى شنج النّسا ... كسيد الغضى باق على النّسلان⁣(⁣٢)

  أخرج عنّي فلا تساكنّي في بلد، فلقي عبد الرحمن أخاه مروان فشكا إليه معاوية، وقال له عبد الرحمن:

  وحتّى متى نستذلّ ونضام؟ فقال له مروان: هذا عملك بنفسك. فأنشأ يقول:

  أتقطر آفاق السّماء لنا دما ... إذا قلت هذا الطَّرف أجرد سابح

  فحتّى متى لا نرفع الطَّرف ذلَّة ... وحتّى متى تعيا عليك المنادح⁣(⁣٣)

  فدخل مروان على معاوية، فقال له مروان: حتّى متى هذا الاستخفاف بآل أبي العاصي؟ أما واللَّه إنّك لتعلم قول النبي وآله فينا، ولقلّ ما بقي من الأجل⁣(⁣٤). فضحك معاوية وقال: لقد عفوت لك عنه⁣(⁣٥) يا أبا عبد الملك. واللَّه أعلم بالصواب⁣(⁣٦).

  صوت

  قولا لنائل ما تقضين في رجل ... يهوى هواك وما جنّبته اجتنبا

  يمسي معي جسدي والقلب عندكم ... فما يعيش إذا ما قلبه ذهبا⁣(⁣٧)

  الشعر لمسعدة بن البختريّ، والغناء لعبادل، ثقيل أوّل بإطلاق الوتر في مجرى الوسطى عن إسحاق، وفيه لعريب ثقيل أوّل آخر عن ابن المعتزّ، ولها فيه أيضا خفيف رمل عنه.


(١) العلالة: البقية. والأجش: غليظ الصوت. والهزيم: شديد الصوت.

(٢) الشظى: عظم لازق بالركبة أو بالذراع. العبل: الضخم من كل شيء. الشوى: اليدان والرجلان والأطراف وفحف الرأس وما كان غير مقتل. والشنج بكسر الشين: القبض في الجلد. وفرس شنج النسا مدح، لأنه لم تسترخ رجلاه. والنسا بالفتح مقصور: عرق يخرج من الورك فيستبطن الفخذين ثم يمر بالعرقوب حتى يبلغ الحافر، فإذا سمنت الدابة انفلقت فخذاها بلحمتين عظيمتين وجرى النسا بينهما واستبان. والسيد: الذئب. والغضا: ضرب من الشجر. ويقال ذئب الغضا لأنه لا يباشر الناس إلا إذا أراد أن يغير، ويزعمون أنه أخبث الشجر ذئابا.

(٣) هو وسابقه سبق إنشادهما في ص ٢٦٣.

(٤) في ح: «الأمل» بالميم.

(٥) وفي ح: «قد عفوت لك» فقط.

(٦) كذا وردت هذه العبارة.

(٧) في الأصول: «إذا ما قلنه».