كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار مطيع بن إياس ونسبه

صفحة 186 - الجزء 13

  قال: إنّك لها هنا يا عاضّ بظر أمّه. قال: أعيذك باللَّه أن يتحدث العرب أنّ الشيطان نطق على فيك بما تنطق به الأمة الفسلة، وأيم اللَّه ما هاهنا داد أريده على المجلس أحد⁣(⁣١) إلَّا قد كانت أمّه كذلك.

  والد مطيع بن إياس

  أخبرني الحسن بن عليّ قال: حدّثنا علي بن محمّد بن سليمان النوفلي عن أبيه قال: كان إياس بن مسلم، أبو مطيع بن إياس شاعرا، وكان قد وفد إلى نصر بن سيّار بخراسان فقال فيه:

  /

  إذا ما نعالي من خراسان أقبلت ... وجاوزت منها مخرما ثم مخرما⁣(⁣٢)

  ذكرت الَّذي أوليتني ونشرته ... فإن شئت فاجعلني لشكرك سلَّما

  جد مطيع بن إياس فأما نسب أبي قرعة هذا فإنه سلمى بن نوفل بن معاوية بن عروة بن صخر بن يعمر بن نفاثة بن عديّ بن الدّيل بن بكر بن عبد مناة. ذكر ذلك المدائني. وكان سلمى بن نوفل جوادا. وفيه يقول الشاعر:

  يسوّد أقوام وليسوا بسادة ... بل السيّد الميمون سلمى بن نوفل⁣(⁣٣)

  رجع الخبر إلى سياقة نسب مطيع بن إياس وأخباره

  صفة مطيع وذكر نشأته

  وهو شاعر من مخضرمي الدّولتين الأمويّة والعباسية، وليس من فحول الشعراء في تلك، ولكنه كان ظريفا خليعا حلو العشرة، مليح النّادرة، ماجنا متّهما في دينه بالزندقة، ويكنى أبا سلمى. ومولده ومنشؤه الكوفة، وكان أبوه من أهل فلسطين الذين أمدّ بهم عبد الملك بن مروان الحجاج بن يوسف في وقت قتاله ابن الزبير وابن الأشعث، فأقام بالكوفة وتزوّج بها، فولد له مطيع.

  صلته بالولاة والخلفاء

  أخبرني بذلك الحسين بن يحيى، عن حمّاد عن أبيه، وكان منقطعا إلى الوليد بن يزيد بن عبد الملك، ومتصرّفا بعده في دولتهم، ومع أوليائهم وعمّالهم وأقاربهم لا يكسد عند أحد منهم، ثم انقطع في الدولة العباسية إلى جعفر بن أبي جعفر المنصور، فكان معه حتّى مات، ولم أسمع له مع أحد منهم خبرا إلا حكاية بوفوده على سليمان بن علي، وأنّه ولَّاه عملا. وأحسبه مات في تلك الأيام.

  رأي بعض الناس فيه

  حدّثني عمي الحسن بن محمّد، قال: حدّثني محمّد بن سعد الكرانيّ عن العمري عن العتبي عن أبيه قال:

  قدم البصرة علينا شيخ من أهل الكوفة لم أر قطَّ أظرف لسانا ولا أحلى حديثا منه، وكان يحدّثني عن مطيع بن إياس، ويحيى بن زياد، وحماد الراوية، وظرفاء الكوفة، بأشياء من أعاجيبهم وطرفهم، فلم يكن يحدّث عن أحد بأحسن مما كان يحدّثني عن مطيع بن إياس، فقلت له: كنت واللَّه أشتهي أن أرى مطيعا، فقال: واللَّه لو رأيته للقيت


(١) كذا وردت هذه العبارة وفي ح «أحدا».

(٢) عنى بالنعال ذوات النعال، وهي الإبل. أو لعلها: «بغالي». مخرم الجبل والسيل: أنفه. والمخارم: الطرق في غلظ.

(٣) وكذا في «الإصابة» ٣٤٠٧. وفي «الكامل» ٧٤، ٧٥ ليبسك: «سلم بن نوفل».