أخبار مطيع بن إياس ونسبه
  فأقبل على مطيع فقال: أجز. فقال:
  وله شرطة إذا جنّه اللي ... ل فعوذوا باللَّه من شرطه
  احتجاجه للأبنة
  قال النوفليّ: وكان مطيع فيما بلغني مأبونا، فدخل عليه قومه فلاموه على فعله، وقالوا له: أنت في أدبك وشرفك وسؤددك وشرفك ترمى بهذه الفاحشة القذرة؟ فلو أقصرت عنها! فقال: جرّبوه أنتم ثم دعوا إن كنتم صادقين. فانصرفوا عنه، وقالوا: قبح اللَّه فعلك وعذرك، وما استقبلتنا به.
  ما حدث بينه وبين ظبية الوادي
  أخبرني عيسى بن الحسين قال: حدّثنا حمّاد عن أخيه عن النضر بن حديد قال: أخبرني أبو عبد الملك المرواني قال: حدّثني مطيع بن إياس قال:
  قال لي حمّاد عجرد: هل لك في أن أريك خشّة صديقي(١)، وهي المعروفة بظبية الوادي؟ قلت: نعم. قال:
  إنّك إن قعدت عنها وخبثت عينك في النّظر أفسدتها عليّ. فقلت: لا واللَّه لا أتكلَّم بكلمة تسوءك، ولأسرّنّك.
  فمضى وقال: واللَّه لا أتكلم، لئن خالفت ما قلت لأخرجنّك. قال: قلت: إن خالفت ما تكره فاصنع بي ما أحببت.
  قال: امض بنا. فأدخلني على أظرف خلق اللَّه وأحسنهم وجها، فلما رأيتها أخذني الزّمع(٢) وفطن لي: فقال: اسكن يا ابن الزانية. فسكنت قليلا، فلحظتني ولحظتها أخرى، فغضب ووضع قلنسيته عن رأسه، وكانت صلعته حمراء كأنّها است قرد، فلما وضعها وجدت للكلام موضعا فقلت:
  وار السّوأة السوآ ... ء يا حمّاد عن خشّه(٣)
  عن الأترجّة(٤) الغضّ ... ة والتفاحة الهشّه
  إفساد مطيع لها على حماد
  فالتفت إليّ، وقال: فعلتها يا ابن الزّانية؟ فقالت له: أحسن واللَّه، ما بلغ صفتك بعد(٥)، فما تريد منه؟ فقال لها: يا زانية! فقالت له: الزانية أمّك! وثاورته(٦) وثاورها، فشقّت قميصه، وبصقت في وجهه، وقالت له: ما تصادقك وتدع مثل هذا إلَّا زانية! وخرجنا وقد لقي كلّ بلاء، وقال لي: ألم أقل لك يا ابن الزانية: إنّك ستفسد عليّ مجلسي. فأمسكت عن جوابه، وجعل يهجوني ويسبّني، ويشكوني إلى أصحابنا، فقالوا لي: اهجه ودعنا وإيّاه.
  فقلت فيه:
  هجاؤه حمادا
  ألا يا ظبية الوادي ... وذات الجسد الراد(٧)
(١) صديقي؛ أي صاحبتي. وفي «اللسان»: «خش»: الطيب بالفارسية، عربته العرب وقالوا في المرأة: خشّة. قال ابن سيده: «أنشدني بعض من لقيته لمطيع بن إياس يهجو حمادا الراوية» وأنشد البيتين التاليين.
(٢) الزمع: شبه الرعدة تأخذ الإنسان.
(٣) سبق تفسير «الخشة». وفي «اللسان»: «نح السوأة».
(٤) الأترجة: فاكهة حماضها يسكن شهوة النساء، ويجلو اللون والكلف، وقشره في الثياب يمنع السوس. وفي «اللسان»:
عن التفاحة الصفرا ... والأترجة الهشه
(٥) كذا على الصواب في ح. وفي سائر النسخ: «صنعتك بعد».
(٦) ثاورته: وأثبته.
(٧) الراد: مسهل الرأد، وهو الرخص اللين.