كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار مطيع بن إياس ونسبه

صفحة 189 - الجزء 13

  فأقبل على مطيع فقال: أجز. فقال:

  وله شرطة إذا جنّه اللي ... ل فعوذوا باللَّه من شرطه

  احتجاجه للأبنة

  قال النوفليّ: وكان مطيع فيما بلغني مأبونا، فدخل عليه قومه فلاموه على فعله، وقالوا له: أنت في أدبك وشرفك وسؤددك وشرفك ترمى بهذه الفاحشة القذرة؟ فلو أقصرت عنها! فقال: جرّبوه أنتم ثم دعوا إن كنتم صادقين. فانصرفوا عنه، وقالوا: قبح اللَّه فعلك وعذرك، وما استقبلتنا به.

  ما حدث بينه وبين ظبية الوادي

  أخبرني عيسى بن الحسين قال: حدّثنا حمّاد عن أخيه عن النضر بن حديد قال: أخبرني أبو عبد الملك المرواني قال: حدّثني مطيع بن إياس قال:

  قال لي حمّاد عجرد: هل لك في أن أريك خشّة صديقي⁣(⁣١)، وهي المعروفة بظبية الوادي؟ قلت: نعم. قال:

  إنّك إن قعدت عنها وخبثت عينك في النّظر أفسدتها عليّ. فقلت: لا واللَّه لا أتكلَّم بكلمة تسوءك، ولأسرّنّك.

  فمضى وقال: واللَّه لا أتكلم، لئن خالفت ما قلت لأخرجنّك. قال: قلت: إن خالفت ما تكره فاصنع بي ما أحببت.

  قال: امض بنا. فأدخلني على أظرف خلق اللَّه وأحسنهم وجها، فلما رأيتها أخذني الزّمع⁣(⁣٢) وفطن لي: فقال: اسكن يا ابن الزانية. فسكنت قليلا، فلحظتني ولحظتها أخرى، فغضب ووضع قلنسيته عن رأسه، وكانت صلعته حمراء كأنّها است قرد، فلما وضعها وجدت للكلام موضعا فقلت:

  وار السّوأة السوآ ... ء يا حمّاد عن خشّه⁣(⁣٣)

  عن الأترجّة⁣(⁣٤) الغضّ ... ة والتفاحة الهشّه

  إفساد مطيع لها على حماد

  فالتفت إليّ، وقال: فعلتها يا ابن الزّانية؟ فقالت له: أحسن واللَّه، ما بلغ صفتك بعد⁣(⁣٥)، فما تريد منه؟ فقال لها: يا زانية! فقالت له: الزانية أمّك! وثاورته⁣(⁣٦) وثاورها، فشقّت قميصه، وبصقت في وجهه، وقالت له: ما تصادقك وتدع مثل هذا إلَّا زانية! وخرجنا وقد لقي كلّ بلاء، وقال لي: ألم أقل لك يا ابن الزانية: إنّك ستفسد عليّ مجلسي. فأمسكت عن جوابه، وجعل يهجوني ويسبّني، ويشكوني إلى أصحابنا، فقالوا لي: اهجه ودعنا وإيّاه.

  فقلت فيه:

  هجاؤه حمادا

  ألا يا ظبية الوادي ... وذات الجسد الراد⁣(⁣٧)


(١) صديقي؛ أي صاحبتي. وفي «اللسان»: «خش»: الطيب بالفارسية، عربته العرب وقالوا في المرأة: خشّة. قال ابن سيده: «أنشدني بعض من لقيته لمطيع بن إياس يهجو حمادا الراوية» وأنشد البيتين التاليين.

(٢) الزمع: شبه الرعدة تأخذ الإنسان.

(٣) سبق تفسير «الخشة». وفي «اللسان»: «نح السوأة».

(٤) الأترجة: فاكهة حماضها يسكن شهوة النساء، ويجلو اللون والكلف، وقشره في الثياب يمنع السوس. وفي «اللسان»:

عن التفاحة الصفرا ... والأترجة الهشه

(٥) كذا على الصواب في ح. وفي سائر النسخ: «صنعتك بعد».

(٦) ثاورته: وأثبته.

(٧) الراد: مسهل الرأد، وهو الرخص اللين.