كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار مجنون بني عامر ونسبه

صفحة 338 - الجزء 2

  صوت

  كلانا مظهر للناس بغضا ... وكلّ عند صاحبه مكين

  وأسرار الملاحظ ليس تخفي ... إذا نطقت بما تخفي العيون⁣(⁣١)

  غنّت في الأوّل عريب خفيف رمل، وقيل: إنّ هذا الغناء لشارية⁣(⁣٢)، والبيت الأخير ليس من شعره⁣(⁣٣) - قال:

  فخرّ مغشيّا عليه ثم أفاق فاقدا عقله، فكان لا يلبس ثوبا إلا خرّقه ولا يمشي إلا عاريا ويلعب بالتراب ويجمع العظام حوله، فإذا ذكرت له ليلى أنشأ يحدّث عنها عاقلا ولا يخطئ حرفا، وترك الصلاة، فإذا قيل له: مالك لا تصلَّي! لم يردّ حرفا، وكنا نحبسه ونقيّده، فيعضّ لسانه وشفته، حتى خشينا عليه فخلَّينا سبيله فهو يهيم.

  قصته مع عمر بن عبد الرحمن بن عوف

  قال الهيثم؛ فولَّى مروان بن الحكم عمر بن عبد الرحمن بن عوف صدقات بني كعب وقشير وجعدة، والحريش وحبيب وعبد اللَّه، فنظر إلى المجنون قبل أن يستحكم جنونه⁣(⁣٤) فكلَّمه وأنشده فأعجب به، فسأله أن يخرج معه، فأجابه إلى ذلك، فلما أراد الرّواح جاءه قومه فأخبروه خبره وخبر ليلى، وأنّ أهلها استعدوا السلطان عليه، فأهدر دمه إن أتاهم، فأضرب عما وعده⁣(⁣٥) وأمر له بقلائص، فلما علم بذلك وأتي بالقلائص ردّها عليه وانصرف.

  / وذكر أبو نصر أحمد بن حاتم عن جماعة من الرّواة: أنّ المجنون هو الذي سأل عمر بن عبد الرحمن أن يخرج⁣(⁣٦) به، قال له: أكون معك في هذا الجمع الذي تجمعه غدا، فأرى⁣(⁣٧) في أصحابك، وأتجمل في عشيرتي⁣(⁣٨) بك، وأفخر بقربك، فجاءه رهط من رهط ليلى⁣(⁣٩) وأخبروه بقصّته، وأنه لا يريد التجمّل به، وإنما يريد أن يدخل عليهم بيوتهم ويفضحهم في امرأة منهم يهواها، وأنهم قد شكوه إلى السلطان فأهدر دمه إن دخل عليهم، فأعرض عما أجابه إليه من أخذه معه وأمر له بقلائص، فردّها وقال [في ذلك]⁣(⁣١٠):

  رددت قلائص القرشيّ لمّا ... بدا لي النقض منه للعهود


(١) في ت، ح، و «تزيين الأسواق»: وقد تغري بذي اللحظ العيون. وفي» تزيين الأسواق «رواية أخرى وهي:» وقد تغري بذي اللحظ الظنون.

(٢) سيأتي التعريف بها في الجزء الرابع عشر طبع بولاق ولم نعثر لها على ضبط، والأقرب أن يكون ضبطها بفتح الياء على زنة اسم الفاعل من شري.

(٣) كذا في ب، س، م، أوفي ت. ح: «غنت في الأوّل عريب مع البيت الأخير وهو الثاني وليس هو من شعر المجنون خفيف رمل، وقيل: أن هذا الغناء لشارية قال: فخرّ مغشيا عليه الخ».

(٤) كذا في أغلب النسخ وفي ت، ح: «حبه».

(٥) كذا في أغلب النسخ. وفي ت، ح: «فانصرف عما وعده به وأمر له بقلائص».

(٦) كذا في أغلب النسخ وفي ت: «أن يخرج معه وقال».

(٧) كذا في ت. وفيء: «فأرني». وفي باقي النسخ: «فأربي» ولا يظهر لهما معنى مناسب.

(٨) كذا في أغلب النسخ. وفي ب، س: «عشيرتك».

(٩) كذا في أغلب النسخ. وفي ت، ح: «فجاءه رهط ليلى».

(١٠) زيادة في ت.