كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار مطيع بن إياس ونسبه

صفحة 191 - الجزء 13

  إفسادة صديقة يحيى الحارثي عليه

  أخبرني محمّد بن خلف وكيع قال: حدّثني هارون بن محمّد بن عبد الملك الزيّات قال: حدّثني حماد بن إسحاق عن أبيه عن رجل من أصحابه قال:

  قال يحيى بن زياد الحارثيّ لمطيع بن إياس: انطلق بنا إلى فلانة صديقتي؛ فإنّ بيني وبينها مغاضبة، لتصلح بيننا، وبئس المصلح أنت. فدخلا إليها فأقبلا يتعاتبان، ومطيع ساكت، حتّى إذا أكثر قال يحيى لمطيع: ما يسكتك، أسكت اللَّه نأمتك⁣(⁣١)؟ فقال لها مطيع:

  أنت معتلَّة عليه وما زا ... ل مهينا لنفسه في رضاك

  فأعجب يحيى ما سمع، وهشّ له مطيع:

  فدعيه وواصلي ابن إياس ... جعلت نفسي الغداة فداك

  فقام يحيى إليه بوسادة في البيت، فما زال يجلد بها رأسه ويقول: ألهذا جئت بك يا ابن الزانية! ومطيع يغوّث⁣(⁣٢) حتّى ملّ يحيى، والجارية تضحك منهما، ثم تركه وقد سدر⁣(⁣٣).

  عتاب حماد على مطيع

  حدّثني الحسن بن عليّ الخفّاف قال: حدّثنا محمّد بن القاسم بن مهرويه قال: حدّثني محمّد بن عمر الجرجاني قال:

  مرض حمّاد عجرد، فعاده أصدقاؤه جميعا إلَّا مطيع بن إياس، وكان خاصّة به، فكتب إليه حمّاد:

  /

  كفاك عيادتي من كان يرجو ... ثواب اللَّه في صلة المريض

  فإن تحدث لك الأيام سقما ... يحول جريضه دون القريض⁣(⁣٤)

  يكن طول التأوّه منك عندي ... بمنزلة الطَّنين من البعوض

  ما حدث بينهما حين اجتماعهما بصديقتيهما

  أخبرني محمّد بن أبي الأزهر عن حمّاد عن أبيه قال: قدم مطيع بن إياس من سفر فقدم بالرغائب، فاجتمع هو وحمّاد عجرد بصديقته ظبية الوادي، وكان عجرد على الخروج مع محمّد بن أبي العباس إلى البصرة، وكان مطيع قد أعطى صاحبته من طرائف ما أفاد، فلما جلسوا يشربون غنّت ظبية الوادي فقالت⁣(⁣٥):

  أظنّ خليلي غدوة سيسير ... وربّي على أن لا يسير قدير

  فما فرغت من الصوت حتّى غنّت صاحبة مطيع:

  ما أبالي إذا النّوى قربتهم ... ودنونا من حلّ منهم وساروا

  فجعل مطيع يضحك وحماد يشتمها.


(١) النأمة: الصوت.

(٢) التغويث: أن يقول: وا غوثاه!

(٣) السادر: المتحير.

(٤) الجريض، يقال جرض بريقه: ابتلعه على هم وحزن. ويقال: «حال الحريض دون القريض» مثل يضرب لأمر يعوق دونه عائق. قاله جوشن بن منقذ الكلابي حين منعه أبوه من الشعر فمرض حزنا فرق له وقد أشرف فقال: انطق بما أحببت. انظر «القاموس».

(٥) في الأصول: «عتب ظبية الوادي فقال».