كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار مطيع بن إياس ونسبه

صفحة 217 - الجزء 13

  لم أر قرنا له يبارزه ... إلا أراه كالصقر والخرب⁣(⁣١)

  ليث بخفّان قد حمى أجما ... فصار منها في منزل أشب⁣(⁣٢)

  شبلاه قد أدّبا به فهما ... شبهاه في جدّه وفي لعب⁣(⁣٣)

  قد ومقا شكله وسيرته ... وأحكما منه أكرم الأدب⁣(⁣٤)

  نعم الفتى تقرن الصّعاب به ... عند تجاثي الخصوم للرّكب⁣(⁣٥)

  / ونعم ما ليلة الشتاء إذا اس ... تنبح كلب القرى فلم يجب

  لا ونعم عنده مخالفة ... مثل اختلاف الصّعود والصّبب⁣(⁣٦)

  يحصر من لا فلا يهمّ بها ... ومنه تضحي نعم على أرب⁣(⁣٧)

  ترى له الحلم والنّهى خلقا ... في صولة مثل جاحم اللَّهب

  سيف الإمامين ذاك وذا إذا ... قلّ بناة الوفاء والحسب

  ذا هودة لا يخاف نبوتها ... ودينه لا يشاب بالريب⁣(⁣٨)

  فلما سمعها معن قال له: إن شئت مدحناك كما مدحتنا وإن شئت أثبناك. فاستحيا مطيع من اختيار الثواب على المديح وهو محتاج إلى الثواب، فأنشأ يقول لمعن:

  ثناء من أمير خير كسب ... لصاحب فاقة وأخي ثراء⁣(⁣٩)

  ولكنّ الزمان برى عظامي ... وما مثل الدراهم من دواء

  فضحك معن حتى استلقى وقال: لقد لطفت⁣(⁣١٠) حتى تخلصت منها، صدقت، لعمري ما مثل الدراهم من دواء! وأمر له بثلاثين ألف درهم، وخلع عليه وحمله⁣(⁣١١).

  مطيع وصديق له عربي

  أخبرني محمّد بن يحيى الصولي قال حدّثني المهلَّبي عن أبيه عن إسحاق قال: كان لمطيع بن إياس صديق من / العرب يجالسه، فضرط ذات يوم وهو عنده، فاستحيا وغاب عن المجلس، فتفقّده مطيع وعرف سبب انقطاعه، فكتب إليه وقال:


(١) الخرب: ذكر الحبارى، وهي طائر.

(٢) خفان: موضع معروف قرب الكوفة، وهو مأسدة فيه غياض ونزور. أشب: كثير الشجر.

(٣) في الأصول: «أزيابه»، «يشبهاه»، «جدة».

(٤) ومقا: أحبا.

(٥) جثا: جلس على ركبتيه للخصومة ونحوها.

(٦) في الأصل: «لا نعم».

(٧) في ب، س «يحضر هزلا» وفي ح «يحضر من لا» وما أثبتناه هو الأوفق.

(٨) الهودة: التوبة والرجوع إلى الحق.

(٩) في ب، ج: «لصاحب معن».

(١٠) لطف: رفق.

(١١) حمله: أعطاه دابة تحمله.