كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار مطيع بن إياس ونسبه

صفحة 218 - الجزء 13

  أظهرت منك لنا هجرا ومقلية ... وغبت عنا ثلاثا لست تغشانا⁣(⁣١)

  هوّن عليك فما في الناس ذو إبل ... إلا وأنيقه يشردن أحيانا

  مجون مطيع وأصحابه في الصلاة

  / أخبرني أبو الحسن الأسدي قال حدّثني العباس بن ميمون طائع قال حدّثنا بعض شيوخنا البصريين الظرفاء وقد ذكرنا مطيع بن إياس، فحدثنا عنه قال:

  اجتمع يحيى بن زياد ومطيع بن إياس وجميع أصحابهم، فشربوا أياما تباعا، فقال لهم يحيى ليلة من الليالي وهم سكارى: ويحكم! ما صلينا منذ ثلاثة أيام فقوموا بنا حتى نصلي. فقالوا: نعم. فقام مطيع فأذّن وأقام، ثم قالوا: من يتقدم؟ فتدافعوا ذلك، فقال مطيع للمغنّية: تقدّمي فصلي بنا. فتقدمت تصلي بهم عليها غلالة رقيقة مطيّبة بلا سراويل، فلما سجدت بان فرجها، فوثب مطيع وهي ساجدة فكشف عنه وقبّله وقطع صلاته، ثم قال:

  ولما بدا فرجها جاثما ... كرأس حليق ولم تعتمد

  سجدت إليه وقبّلته ... كما يفعل الساجد المجتهد

  فقطعوا صلاتهم، وضحكوا وعادوا إلى شربهم.

  إعجاب المهدي بتهنئة مطيع

  حدّثني عمي الحسن بن محمّد قال حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال حدّثني محمّد بن القاسم مولى موسى الهادي قال:

  كتب المهدي إلى أبي جعفر يسأله أن يوجّه إليه بابنه موسى، فحمله إليه، فلما قدم عليه قامت الخطباء تهنئه، والشعراء تمدحه، فأكثروا حتى آذوه وأغضبوه، فقام مطيع بن إياس فقال:

  أحمد اللَّه إله ال ... خلق ربّ العالمينا

  الَّذي جاء بموسى ... سالما في سالمينا

  الأمير ابن الأمير أب ... ن أمير المؤمنينا

  فقال المهدي: لا حاجة بنا إلى قول بعد ما قاله مطيع. فأمسك الناس، وأمر له بصلة.

  مطيع ينصح يحيى بن زياد

  / قال أبو الفرج:

  ونسخت من كتاب لأبي سعيد السّكري بخطه. قال: حدّثني ابن أبي فنن. أخبرني يحيى بن علي بن يحيى بهذا الخبر فيما أجاز لنا أن يرويه عنه عن أبي أيوب المدائني عن ابن أبي الدواهي، وخبر السكري أتم واللفظ له، قال:

  كان بالكوفة رجل يقال له أبو الأصبغ له قيان، وكان له ابن وضيء حسن الصورة يقال له الأصبغ⁣(⁣٢)، لم يكن بالكوفة أحسن وجها منه، وكان يحيى بن زياد ومطيع بن إياس وحماد عجرد وضرباؤهم يألفونه ويعشقونه


(١) مقلية: بغضا.

(٢) في الأصل: «الأصبع» في جميع مواضعه من هذا الخبر. والمعروف في أعلامهم: «الأصبغ» بالغين المعجمة، وكذا «ذو الإصبع».