كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار مطيع بن إياس ونسبه

صفحة 221 - الجزء 13

  أخبرني مطيع بن إياس الليثي - وكان أبوه من أهل فلسطين من أصحاب الحجاج بن يوسف - أنه كان مع سلم⁣(⁣١) بن قتيبة، فلما خرج إبراهيم بن عبد اللَّه بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب $، كتب إليه المنصور يأمره باستخلاف رجل على عمله والقدوم عليه في خاصّته على البريد، قال مطيع: وكانت لي⁣(⁣٢) جارية يقال لها جودانة كنت أحبها، فأمرني سلم بالخروج معه، فاضطررت إلى بيع الجارية، فبعتها وندمت على ذلك بعد خروجي وتمنيت أن أكون أقمت، وتتبّعتها نفسي، ونزلنا / حلوان، فجلست على العقبة أنتظر ثقلي وعنان دابّتي في يدي وأنا مستند إلى نخلة على العقبة وإلى جانبها نخلة أخرى، فتذكرت الجارية واشتقتها وقلت:

  أسعداني يا نخلتي حلوان ... وابكيا لي من ريب هذا الزمان⁣(⁣٣)

  واعلما أنّ ريبه لم يزل يف ... رق بين الألَّاف والجيران

  ولعمري لو ذقتما ألم الفر ... قة قد أبكاكما الَّذي أبكاني⁣(⁣٤)

  أسعداني وأيقنا أن نحسا ... سوف يلقاكما فتفترقان

  كم رمتني صروف هذي الليالي ... بفراق الأحباب والخلَّان /

  غير أني لم تلق نفسي كما لا ... قيت من فرقة ابنة الدّهقان

  جارة لي بالرّيّ تذهب همّي ... ويسلَّي دنّوها أحزاني⁣(⁣٥)

  فجعتني الأيام أغبط ما كن ... ت بصدع للبين غير مدان

  وبرغمي أن أصبحت لا تراها ال ... عين مني وأصبحت لا تراني

  إن نكن ودّعت فقد تركت بي ... لهبا في الضمير ليس بوان

  كحريق الضّرام في قصب الغا ... ب زفته ريحان تختلفان⁣(⁣٦)

  فعليك السلام [منّي]⁣(⁣٧) ماسا ... غ سلاما عقلي وفاض لساني

  هكذا ذكر أبو الحسن الأسديّ في هذا الخبر وهو غلط.

  نسخت خبر هذا من خط أبي أيوب المدائني عن حماد، ولم يقل عن أبيه عن سعيد بن سالم عن مطيع قال:

  كانت لي بالرّي جارية أيام مقامي بها مع سلم بن قتيبة، فكنت أتستّر بها، وكنت أتعشق امرأة من بنات الدّهاقين كنت نازلا / إلى جنبها في دار لها، فلما خرجنا بعت الجارية وبقيت في نفسي علاقة من المرأة الَّتي كنت أهواها، فلما نزلنا عقبة حلوان جلست مستندا إلى إحدى النخلتين اللتين على العقبة فقلت:

  أسعداني يا نخلتي حلوان ... وارثيا لي من ريب هذا الزمان

  وذكر الأبيات، فقال لي سلم: ويلك فيمن هذه الأبيات؟ أفي جاريتك؟ فاستحييت أن أصدقه فقلت: نعم. فكتب من وقته إلى خليفته أن يبتاعها لي، فلم ألبث أن ورد كتابه: إني وجدتها قد تداولها الرجال، فقد عزفت نفسي


(١) في الأصول: «سالم». والصواب ما أثبتناه.

(٢) في الأصول: «وكانت له».

(٣) حلوان: حلوان العراق في آخر حدود السواد مما يلي الجبال من بغداد.

(٤) في ب، ح: «الفرقة أبكاكما».

(٥) في الأصول: «وتسلي ذنوبها» وهو تحريف.

(٦) زفته: طردته واستخفته. وفي الأصول «رمته».

(٧) تكملة يستقيم بها الوزن.