كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الشمردل ونسبه

صفحة 239 - الجزء 13

  وثقن به عند الحفيظة فارعوى ... إلى صوته جاراته وحلائله⁣(⁣١)

  إلى ذائد في الحرب لم يك خاملا ... إذا عاذ بالسيف المجرّد حامله

  كما ذاد عن عرّيسة الغيل مخدر ... يخاف الردى ركبانه ورواحله⁣(⁣٢)

  فما كنت ألفي لا مرئ عند موطن ... أخا بأخي، لو كان حيّا أبادله

  وكنت به أغشى القتال فعزّني ... عليه من المقدار من لا أقاتله⁣(⁣٣)

  لعمرك إنّ الموت منا لمولع ... بمن كان يرجى نفعه ونوافله

  فما البعد إلا أننا بعد صحبة ... كأن لم نبايت وائلا ونقايله⁣(⁣٤)

  سقى الضّفرات الغيث ما دام ثاويا ... بهنّ وجادت أهل شوك مخايله⁣(⁣٥)

  وما بي حبّ الأرض إلَّا جوارها ... صداه وقول ظنّ إنّي قائله

  رثاؤه لأخيه حكم

  قال أبو عبيدة: ثم قتل أخوه حكم أيضا في وجهه، وبرز بعض عشيرته إلى قاتله فقتله، وأتى أخاه الشمردل أيضا نعيه فقال يرثيه⁣(⁣٦):

  /

  يقولون احتسب حكما وراحوا ... بأبيض لا أراه ولا يراني

  وقبل فراقه أيقنت أنّي ... وكلّ ابني أب متفارقان⁣(⁣٧) /

  أخ لي لو دعوت أجاب صوتي ... وكنت مجيبه أنّى دعاني

  فقد أفنى البكاء عليه دمعي ... ولو أني الفقيد إذا بكاني⁣(⁣٨)

  مضى لسبيله لم يعط ضيما ... ولم ترهب غوائله الأداني

  قتلنا عنه قاتله وكنّا ... نصول به لدى الحرب العوان⁣(⁣٩)

  قتيلا ليس مثل أخي إذا ما ... بدا الخفرات من هول الجنان⁣(⁣١٠)

  وكنت سنان رمحي من قناتي ... وليس الرّمح إلا بالسّنان

  وكنت بنان كفّي من يميني ... وكيف صلاحها بعد البنان


(١) الحلائل: جمع حليلة، وهي الزوجة.

(٢) في الأصول: «فخاف الردى ركناته ورواحله»، صوابه من «أمالي اليزيدي». المخدر: الأسد في خدره، أي عرينه.

(٣) عزني: غلبني.

(٤) بايته: بات معه؛ وكذا قايله: نام معه وقت القائلة، وهي الظهيرة. وفي الأصول: «تبايت وائلا وتقاتله»، وعند «اليزيدي»: «يبايت وائلا ويقايله»، والوجه ما أثبتنا.

(٥) الضفرات: جمع الضفرة، وهي أرض سهلة مستطيلة. وفي الأصول: «الصقرات»، صوابه في «أمالي اليزيدي». وشوك، بالضم:

ناحية نجدية قريبة من الحجاز.

(٦) الأبيات في «أمالي اليزيدي» ٤٥ - ٤٦.

(٧) «اليزيدي»: «متفرقان».

(٨) «اليزيدي»: «ولو كنت المصاب».

(٩) العوان من الحروب: الَّتي قوتل فيها مرة بعد مرة.

(١٠) الخفرات: جمع خفرة وهي الشديدة الحياء. الجنان: القلب، وفي الأصول: «مذهول» وصححه الشنقيطي بما أثبتناه.