أخبار الشمردل ونسبه
  وثقن به عند الحفيظة فارعوى ... إلى صوته جاراته وحلائله(١)
  إلى ذائد في الحرب لم يك خاملا ... إذا عاذ بالسيف المجرّد حامله
  كما ذاد عن عرّيسة الغيل مخدر ... يخاف الردى ركبانه ورواحله(٢)
  فما كنت ألفي لا مرئ عند موطن ... أخا بأخي، لو كان حيّا أبادله
  وكنت به أغشى القتال فعزّني ... عليه من المقدار من لا أقاتله(٣)
  لعمرك إنّ الموت منا لمولع ... بمن كان يرجى نفعه ونوافله
  فما البعد إلا أننا بعد صحبة ... كأن لم نبايت وائلا ونقايله(٤)
  سقى الضّفرات الغيث ما دام ثاويا ... بهنّ وجادت أهل شوك مخايله(٥)
  وما بي حبّ الأرض إلَّا جوارها ... صداه وقول ظنّ إنّي قائله
  رثاؤه لأخيه حكم
  قال أبو عبيدة: ثم قتل أخوه حكم أيضا في وجهه، وبرز بعض عشيرته إلى قاتله فقتله، وأتى أخاه الشمردل أيضا نعيه فقال يرثيه(٦):
  /
  يقولون احتسب حكما وراحوا ... بأبيض لا أراه ولا يراني
  وقبل فراقه أيقنت أنّي ... وكلّ ابني أب متفارقان(٧) /
  أخ لي لو دعوت أجاب صوتي ... وكنت مجيبه أنّى دعاني
  فقد أفنى البكاء عليه دمعي ... ولو أني الفقيد إذا بكاني(٨)
  مضى لسبيله لم يعط ضيما ... ولم ترهب غوائله الأداني
  قتلنا عنه قاتله وكنّا ... نصول به لدى الحرب العوان(٩)
  قتيلا ليس مثل أخي إذا ما ... بدا الخفرات من هول الجنان(١٠)
  وكنت سنان رمحي من قناتي ... وليس الرّمح إلا بالسّنان
  وكنت بنان كفّي من يميني ... وكيف صلاحها بعد البنان
(١) الحلائل: جمع حليلة، وهي الزوجة.
(٢) في الأصول: «فخاف الردى ركناته ورواحله»، صوابه من «أمالي اليزيدي». المخدر: الأسد في خدره، أي عرينه.
(٣) عزني: غلبني.
(٤) بايته: بات معه؛ وكذا قايله: نام معه وقت القائلة، وهي الظهيرة. وفي الأصول: «تبايت وائلا وتقاتله»، وعند «اليزيدي»: «يبايت وائلا ويقايله»، والوجه ما أثبتنا.
(٥) الضفرات: جمع الضفرة، وهي أرض سهلة مستطيلة. وفي الأصول: «الصقرات»، صوابه في «أمالي اليزيدي». وشوك، بالضم:
ناحية نجدية قريبة من الحجاز.
(٦) الأبيات في «أمالي اليزيدي» ٤٥ - ٤٦.
(٧) «اليزيدي»: «متفرقان».
(٨) «اليزيدي»: «ولو كنت المصاب».
(٩) العوان من الحروب: الَّتي قوتل فيها مرة بعد مرة.
(١٠) الخفرات: جمع خفرة وهي الشديدة الحياء. الجنان: القلب، وفي الأصول: «مذهول» وصححه الشنقيطي بما أثبتناه.