أخبار الشمردل ونسبه
  وكان يهابك الأعداء فينا ... ولا أخشى وراءك من رماني
  فقد أبدوا ضغائنهم وشدّوا ... إليّ الطَّرف واغتمزوا لياني(١)
  فداك أخ نبا عنه غناه ... ومولى لا تصول له يدان
  ادعاء الفرزدق بيتا من شعر الشمردل بعد تهديده
  حدّثني هاشم بن محمّد الخزاعي، قال حدّثنا أبو غسان عن أبي عبيدة عن أبي عمرو وأبي سهيل قالا:
  وقف الفرزدق على الشمردل وهو ينشد قصيدة له فمر فيها هذا البيت:
  وما بين من لم يعط سمعا وطاعة ... وبين تميم غير جز الحلاقم
  / فقال له الفرزدق: واللَّه يا شمردل لتتركنّ لي هذا البيت، أو لتتركن لي عرضك. فقال: خذه لا بارك اللَّه لك فيه. فادّعاه وجد له في قصيدة ذكر فيها قتيبة بن مسلم الَّتي أوّلها:
  تحنّ بزوراء المدينة ناقتي ... حنين عجول تبتغي البوّ رائم(٢)
  تأويل رؤيا للمشردل ينعي على إثرها أخوه وائل
  حدّثنا هاشم قال حدّثنا غسان عن أبي عبيدة قال:
  رأى(٣) الشمردل فيما يرى النائم كأن سنان رمحه سقط، فعبره على بعض من يعبر الرؤيا، فأتاه نعي أخيه وائل، فذلك قوله:
  وتحقيق رؤيا في المنام رأيتها ... فكان أخي رمحا ترفّض عامله(٤)
  شعره حين سكر مع نديمين ونسي أحدهما نعله
  حدّثنا هاشم قال حدّثنا دماذ عن أبي عبيدة قال:
  كان الشمردل مغرما بالشّراب، وكان له نديما يعاشرانه في حانات الخمارين بخراسان، أحدهما يقال له ديكل من قومه، والآخر من بني شيبان يقال له قبيصة، فاجتمعوا يوما على جزور ونحروه وشربوا حتّى سكروا، وانصرف قبيصة حافيا وترك نعله عندهم، وأنسيها من السّكر، فقال الشمردل:
  شربت ونادمت الملوك فلم أجد ... على الكأس ندمانا(٥) لها مثل ديكل
  / أقلّ مكاسا في جزور وإن غلت ... وأسرع إنضاجا وإنزال مرجل(٦)
  ترى البازل الكوماء فوق خوانه ... مفصّلة أعضاؤها لم تفصّل(٧)
(١) الطرف: الكريم من الخيل. واغتمزوا لياني: استضعفوا اللين مني.
(٢) زوراء: موضع عند سوق المدينة قرب المسجد. والعجول: الناقة الشديدة الحزن لفقد ولدها. البوّ: ولد الناقة، وجلد الحوار يحشى تبنا فيقرب من أم الفصيل فتدّر. رائم: عاطفة.
(٣) في ج، ب: «رأيت» وهو خطأ.
(٤) ترفض: تكسر. وفي الأصول: «ترقص». وانظر ما سبق من التحقيق في ص ٣٥٣.
(٥) الندمان، بالفتح: النديم.
(٦) المكاس: انتقاص الثمن في البيع واستحطاطه. وفي الأصول: «بكأس» صوابه في ش و «معجم البلدان».
(٧) البازل: الناقة في تاسع سنيها. الكوماء: العظيمة السنام.