أخبار الشمردل ونسبه
  سقيناه بعد الرّي حتى كأنما ... يرى حين أمسى أبرقي ذات مأسل(١)
  عشية أنسينا قبيصة نعله ... فراح الفتى البكريّ غير منعّل
  هجاؤه هلال بن أحوز حين لم يرض عطاءه
  حدّثنا هاشم قال: حدّثنا دماذ عن أبي عبيدة قال:
  مدح الشمردل بن شريك هلال بن أحوز المازنيّ واستماحه، فوعده الرفد، ثم ردّده زمانا طويلا حتى ضجر، ثم أمر له بعشرين درهما فدفعها إليه وكيله غلَّة فردّها، وقال يهجوه: /
  يقول هلال كلَّما جئت زائرا ... ولا خير عند المازني أعاوده
  ألا ليتني أمسي وبيني وبينه ... بعيد مناط الماء غبر فدافده(٢)
  غدا نصف حول منه إن قال لي غدا ... وبعد غد منه كحول أراصده(٣)
  ولو أنني خيّرت بين غداته ... وبين برازي ديلميّا أجالده
  تعوّضت من ساقيّ عشرين درهما ... أتاني بها من غلَّة السّوق ناقده(٤)
  ولو قيل مثلا كنز قارون عنده ... وقيل التمس موعوده لا أعاوده
  ومثلك منقوص اليدين رددته ... إلى محتد قد كان حينا يجاحده(٥)
  هجاؤه للضبيّ حين شمت بمصرع إخوته
  حدّثنا هاشم قال:
  حدّثنا أبو غسان عن أبي عبيدة أن رجلا من بني ضبّة كان عدوّا للشمردل، وكان نازلا في بني دارم بن مالك، ثم خرج في البعث الَّذي بعث مع وكيع، فلما قتل إخوة الشّمردل وماتوا، بلغه عن الضبيّ سرور بذلك، وشماتة بمصيبته فقال:
  يأيّها المبتغي شتمي لأشتمه ... إن كان أعمى فأنّي عنك غير عم(٦)
  ما أرضعت مرضع سخلا أعقّ بها ... في الناس لا عرب منها ولا عجم(٧)
  من ابن حنكلة كانت وإن عربت ... مذالة لقدور الناس والحرم(٨)
  عوى ليكسبها شرّا فقلت له ... من يكسب الشر ثديي أمّه يلم
  ومن تعرّض شتمي يلق معطسه ... من النّشوق الَّذي يشفى من اللَّمم(٩)
(١) الأبرقان: تثنية أبرق، وهو غلظ فيه حجارة ورمل وطين مختلطة. وفي الأصول: «ترى حرشا في أبرقي أم مرسل»، وأثبتنا ما في «معجم البلدان» (أبرق ذات مأسل).
(٢) المناط: موضع التعليق، والمراد مكان الماء. الفدفد: الفلاة والمكان الصلب.
(٣) أراصده: أراقبه وأنتظره.
(٤) تعوّض: أخذ العوض.
(٥) في الأصول: «مجاحده».
(٦) كذا جاءت الرواية بالالتفات.
(٧) السخل: المولود، وهو أيضا الضعيف الرذل.
(٨) الحنكلة: الدميمة السوداء من النساء. عربت المرأة: تحببت إلى زوجها، أو حرصت على اللهو. المذالة: الأمة المهانة.
(٩) المعطس: الأنف. اللمم: الجنون.