كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الشمردل ونسبه

صفحة 242 - الجزء 13

  متى أجئك وتسمع ما عنيت به ... تطرق على قذع أو ترض بالسّلم⁣(⁣١)

  أولا فحسبك رهطا أن يفيدهم ... لا يغدرون ولا يوفون بالذمم

  ليسوا كثعلبة المغبوط جارهم ... كأنه في ذرى ثهلان أو خيم⁣(⁣٢)

  يشبّهون قريشا من تكلَّمهم ... وطول أنضية الأعناق والأمم⁣(⁣٣)

  إذا غدا المسك يجري في مفارقهم ... راحوا كأنهم مرضى من الكرم

  جزّوا النواصي من عجل وقد وطئوا ... بالخيل رهط أبي الصهباء والحطم

  ويوم أفلتهن الحوفزان وقد ... شالت عليه أكفّ القوم بالجذم⁣(⁣٤)

  / إني وإن كنت لا أنسى مصابهم ... لم أدفع الموت عن زيق ولا حكم⁣(⁣٥)

  لا يبعدا فتيا جود ومكرمة ... لدفع ضيم وقتل الجوع والقرم⁣(⁣٦)

  والبعد غالهما عني بمنزلة ... فيها تفرّق أحياء ومخترم⁣(⁣٧)

  وما بناء وإن سدّت دعائمه ... إلا سيصبح يوما خاوي الدّعم⁣(⁣٨)

  لئن نجوت من الأحداث أو سلمت ... منهنّ نفسك لم تسلم من الهرم

  رثاؤه لعمر بن يزيد الأسيدي

  حدّثنا هاشم قال: حدّثنا دماذ عن أبي عبيدة قال:

  كان عمر بن يزيد الأسيدي صديقا للشمردل بن شريك، ومحسنا إليه كثير البر به والرفد له، فأتاه نعيه وهو بخراسان، فقال يرثيه:

  لبس الصّباح وأسلمته ليلة ... طالت كأنّ نجومها لا تبرح⁣(⁣٩)

  من صولة يجتاح أخرى مثلها ... حتى ترى السّدف القيام النّوّح⁣(⁣١٠) /

  عطَّلن أيديهنّ ثم تفجعت ... ليل التّمام بهنّ عبرى تصدح

  وحليلة رزئت وأخت وابنة ... كالبدر تنظره عيون لمّح

  لا يبعد ابن يزيد سيّد قومه ... عند الحفاظ وحاجة تستنجح


(١) القذع: الخنا والفحش. والسلم: الاستسلام والإذعان.

(٢) ثهلان، وخيم: جبلان.

(٣) من تكلمهم، هي في «الكامل» ٣٥ و «أمالي القالي» (١: ٣٢٨): «في تجلتهم». وفي «الحيوان» (٣: ٩٢): «من تجلتهم». الأنضية:

جمع نضيّ: وهو عظم العنق. الأمم: جمع أمة، وهي القامة.

(٤) الحوفزان: لقب الحارث بن شريك. شالت: ارتفعت. الجذم: السياط.

(٥) زيق بالزاي هو زيق بن بسطام بن قيس الشيباني.

(٦) القرم: شدّة شهوة اللحم. في س: «فتا». وفي ب: «فئتا» تحريف.

(٧) مخترم: يقال اخترمته المنية، إذا أخذته.

(٨) سدّت: صارت سديدة مستقيمة. الدعم: جمع دعمة، وهي الدعامة يعتمد عليها البيت.

(٩) لبس الصباح: دخل فيه. وفي الأصول: «لبث».

(١٠) في الأصول: «يحتاج» وهو مقلوب. السدف: الضوء قيسية، والظلام تميمية.