أخبار محمد بن يسير ونسبه
  فترى في كل رجل ويد ... من بقاياهنّ فوق الأرض خفّ(١)
  تنسف الأرض إذا مرّت به ... فلها إعصار ترب منتسف(٢)
  ترهج الطَّرق على مجتازها ... بيد في المشي والخطو القطف(٣)
  في يديها طرق، مشيتها ... حلقة القوس، وفي الرجل حنف(٤)
  / فإذا ما سعلت واحد ودبت ... جاوب البعر عليها فخصف(٥)
  وأحصّ الشعر منها، جلدها ... شنّة في جوف غار منخسف(٦)
  ذات قرن وهي جمّاء، ألا ... إنّ ذا الوصف كوصف مختلف(٧)
  وإذا تدنو إلى مستعسب ... عافها نتنا إذا ما هو كرف(٨)
  لا ترى تيسا عليها مقدما ... رميت من كل تيس بالصّلف(٩)
  شوهة الخلقة، ما أبصرها ... من جميع الناس إلَّا وحلف(١٠)
  ما رأى شاة ولا يعلمها ... خلقت خلقتها فيما سلف
  عجبا منها ومن تأليفها ... عجبا من خلقها كيف ائتلف!
  لو ينادون عليها عجبا ... كسبوا منها فلوسا ورغف
= حينئذ في المنون من حذف ألف التنوين، وحمل غير المنون عليه، وأجاز ذلك الكوفيون. ونقل عن الجرمي - وهو نحوي بصري توفى سنة ٢٢٥ - أنه أجازه. وعن الأخفش - وهو نحوي بصري أيضا توفي سنة ٢١٥ - أنه أجازه في المنون على لغة من قال رأيت بكر، وهم ربيعة. فأما المهموز فيجوز نقل حركته وإن كانت فتحة، فيقال رأيت الخبأ والردأ في رأيت الخبء والرد. (انظر «شرح الأشموني» باب الوقف).
(١) في الأصول كلها: «جف» بالجيم؛ وهو تصحيف. والخف: ما يلبس في الرجل.
(٢) في الأصول: «تبدأ» بدل «بيد»: وهو تحريف. و «به» بالخف. ونسفه وانتسفه: قلعه من أصله. والإعصار: الريح الَّتي تهب من الأرض كالعمود نحو السماء، أو الَّتي فيها العصار (ككتاب) وهو الغبار الشديد.
(٣) أرهج: أثار الغبار. والقطف، أصله القطف (بسكون الطاء وكسر الفاء) فوقف عليه بالنقل كما تقدّم. يقال: قطفت الدابة كضرب قطفا، وكنصر قطافا وقطوفا، وككرم فهي قطوف كصبور، أي بطيئة متقاربة الخطو.
(٤) في الأصول: «في يدها طرف من مشيتها: خلقة ...» وهو تحريف وخطأ، وقد صححته كما ترى. والطرق: ضعف في ركبتي البعير ويده، أو اعوجاج في ساقه؛ يقال: بعير أطرق وناقة طرقاء، أي في يديها لين واسترخاء وتكسر وضعف. مشيتها حلقة القوس أي مشيتها معوجة كحلقة القوس غير مستقيمة. والحنف: الاعوجاج في الرجل إلى داخل.
(٥) في الأصول: «جاوب البعر منها فحصف» وهو خطأ؛ وقد صححته كما ترى. خصف الورق على بدنه: ألزقه وأطبقه عليه ورقة ورقة، أي فخصف عليها، فلصق بجسمها.
(٦) في الأصول: «وأخفى الشعر»؛ وهو تحريف. يقال: حص شعره وانحص إذا انجرد وتناثر. وذنب أحص: لا شعر عليه. وفي كتب اللغة أن الفعل يتعدى بنفسه بدون الهمز، يقال: حص الشعر كنصر إذا حلقه. والشنة والشنّ: القربة الخلق الصغيرة.
(٧) في الأصول: «وهي حما» وهو تصحيف. جممت الشاة، إذا لم يكن لها قرن، فهي جماء.
(٨) استعسب التيس: هاج واغتلم. وعافها: كرهها وأعرض عنها. وكرفها: شمها؛ يقال كرف الفحل إذا شم طروقته ثم رفع رأسه نحو السماء وكشر حتى تقلص شفتاه.
(٩) صلفت المرأة كفرح صلفا: لم تحظ عند زوجها وأبغضها. والصلف أيضا: الكبر. أي صلف التيس وأدل عليها.
(١٠) يقال: رجل أشوه وامرأة شوهاء، إذا كانت قبيحة، والاسم الشوهة بالضم. ولم ترد كلمة «شوهة» في كتب اللغة وصفا، فالتقدير في البيت «شوهة الخلقة صفة ثابتة لها، أو شوهة خلقتها ليس لها نظير». أو أنه استعمل الاسم استعمال الوصف مجازا.