أخبار محمد بن يسير ونسبه
  /
  ليتها قد أفلتت في جفنة ... من عجين أو دقيق مجترف(١)
  فتلقّت شفرة من أهله ... قدر الإصبع شيئا أو أشفّ(٢)
  أحكمت كفّا حكيم صنعها ... فأتت مجدولة(٣) فيها رهف
  أدمجت من كلّ وجه غير ما ... ألَّل الأقيان من حدّ الطَّرف(٤)
  قابض الرّونق فيها ماتع ... يخطف الأبصار منها يستشفّ(٥)
  لمحتها فاستخفّت نحوها ... [عجلا] ثم أحالت تنتسف(٦)
  فتناهت بين أضعاف المعى ... وتبوّت بين أثناء الشّغف(٧)
  أو رمتها قرحة زادت لها ... ذوبانا كلّ يوم ونحف
  كل يوم فيه يدنو يومها ... أو ترى واردة حوض الدّنف
  / بينما ذاك بها إذ أصبحت ... كحميت(٨) مفعم أو مثل جف
  شاغرا عرقوبها قد أعتبت ... بطنة من بعد إدمان الهيف(٩)
  وغدا الصّبية من جيرانها ... ليجرّوها إلى مأوى الجيف
  فتراها بينهم مسحوبة ... تجرف التّرب بجنب منحرف(١٠)
  فإذا صاروا إلى المأوى بها ... أعملوا الآجرّ فيها والخزف(١١)
  ثم قالوا: ذا جزاء للتي ... تأكل البستان منا والصّحف(١٢)
  لا تلوموني، فلو أبصرت ذا ... كلَّه فيها إذن لم أنتصف
(١) في الأصول: «مخترف» بالخاء، وهو تصحيف والجفنة: القصعة.
(٢) في الأصول: «فتلفت شعرة»؛ وهو تحريف.
(٣) لعل الأصل «مصقولة»؛ إذ المناسب للسكين الصقل لا الجدل. ورهف (ككرم) رهافة ورهفا بالفتح وبالتحريك: دق ولطف.
(٤) ألل الشيء تأليلا: حدّد طرفه. والأقيان: جمع قين، وهو الحداد.
(٥) في الأصول «مانع» بالنون وهو تصحيف. والماتع من كل شيء: البالغ في الجودة الغاية في بابه. ورونق السيف: ماؤه وحسنه.
وقابض الرونق، أي ما يمسكه ويحفظه. وخطف كسمع وضرب، أو هذه قليلة أو رديئة. واستشفه: رأى ما وراءه.
(٦) لمحتها، أي الشفرة أسند اللمح إليها ويريد أصحابها. فاستخفت: يريد فخفت إليها أي أسرعت لذبحها والقضاء عليها. وقد زدت كلمة «عجلا» ليستقيم الوزن، وأحالت: تحوّلت، أي هوت عليها تنسفها.
(٧) تناهت: انتهت أي بلغت ووصلت. وأضعاف المعى: أثناؤها جمع ضعف بالكسر. وتبوّت سهل تبوأت، أي حلت وأقامت.
والشغف: غلاف القلب أو حبته كالشغاف.
(٨) في الأصول «لحميت» باللام؛ وهو تحريف. والحميت: الزق الَّذي يجعل فيه السمن. والجف: والشن البالي يقطع من نصفه ويجعل كالدلو.
(٩) في ب، س «شاعرا عرفوا بها» وفي ج شاعرا عرقوبها وهو تحريف. شاغرا عرقوبها أي مرفوعا، من شغر الكلب برجله كفتح إذا رفعها، والبطنة: عظم البطن. والهيف: ضمر البطن ورقة الخاصرة.
(١٠) جرفه كنصر: كسحه.
(١١) الآجرّ: الطوب. والخزف: الطين المعمول آنية قبل أن يطبخ؛ وهو الصلصال، فإذا شوى فهو الفخار.
(١٢) في الأصول: «للذي»؛ وهو تحريف.