أخبار محمد بن يسير ونسبه
  شعره إلى امرأته وقد كتبت إليه تعاتبه
  أخبرني عليّ بن سليمان قال حدّثنا محمّد بن يزيد قال حدّثنا عبد اللَّه بن محمّد بن يسير، وحدّثني سوار بن أبي شراعة قال(١) حدّثني عبد اللَّه بن محمّد بن يسير قال:
  هوي أبي قينة من قيان أبي هاشم بالبصرة، فكتبت إليه أمي تعاتبه، فكتب إليها:
  /
  لا تذكري لوعة إثري ولا جزعا ... ولا تقاسنّ بعدي الهمّ والهلعا(٢)
  بل ائتسي تجدي إن ائتسيت أسا ... بمثل ما قد فجعت اليوم قد فجعا(٣)
  ما تصنعين بعين عنك قد طمحت ... إلى سواك وقلب عنك قد نزعا(٤)
  إن قلت قد كنت في خفض وتكرمة ... فقد صدقت، ولكن ذاك قد نزعا(٥)
  وأيّ شيء من الدنيا سمعت به ... إلا إذا صار في غاياته انقطعا
  ومن يطيق خليعا عند صبوته ... أم من يقوم لمستور إذا خلعا
  هجاؤه أبا النجم المغني
  أخبرني عمي قال: حدّثنا ابن مهرويه قال: حدّثنا عبد اللَّه بن يسير أن أباه دعي إلى وليمة وحضرها مغنّ يقال له أبو النجم، فعبث بأبي وباغضه وأساء أدبه، فقال يهجوه:
  نشت بأبي النّجم المغنّي سحابة ... عليه من الأيدي شآبيبها القفد(٦)
  / نشا(٧) نوءها بالنّحس حتى تصرّمت ... وغابت(٨) فلم يطلع لها كوكب سعد
  سقته فجادت فارتوى من سجالها ... ذرا رأسه والوجه والجيد والخدّ(٩)
  فلا زال يسقيه بها كلّ مجلس ... به فتية أمثالها الهزل والجدّ
(١) في الأصول: «سراعة»؛ وهو تصحيف. والتصحيح عن «الأمالي» و «القاموس المحيط». ومن أسمائهم سوار ككتاب وسوّار كشدّاد.
(٢) في رواية «الأمالي» (ج ١: ص ٢٣): «لا تتبعن لوعة إثرى ولا هلعا» بتأكيد الفعل بنون التوكيد الخفيفة. وفي الأصول: «ولا تقاسين» تحريف. والهلع: أفحش الجزع.
(٣) أسا (بالضم والكسر): جمع أسوة (بالضم والكسر أيضا)، وهي القدوة وما يأتسي به الحزين أي يتعزى به. وائتسي به: اقتدى به، وجعله أسوة أي قدوة.
(٤) نزع عن الأمر كضرب نزوعا: كف وانتهى عنه وأباه.
(٥) الخفض: الدعة. وفي «الأمالي»: «في ودّ». وفيه أيضا: «قد منعا».
(٦) نشت، نشى بالشيء: عاوده مرة بعد أخرى، أو هو مسهل عن «نشأت»؛ يقال: نشأت السحابة إذا ارتفعت. وشآبيب: جمع شؤبوب كعصفور، وهو الدفعة من المطر. وقفده قفدا كضربه: صفع قفاه بباطن كفه. وفي الأصول: «الفقد»؛ وهو تصحيف.
(٧) في ب وس: «فشانأها»، وهو تحريف. والنوء: سقوط نجم في المغرب وطلوع آخر في المشرق. وكانت العرب في الجاهلية تضيف الأمطار والرياح والحر والبرد إلى الساقط منها أو إلى الطالع، فإذا سقط نجم وطلع آخر قالوا لا بد من أن يكون عند ذلك مطر أو رياح، فينسبون كل غيث يكون عند ذلك إلى ذلك النجم، فيقولون: مطرنا بنوء الثريا، والدبران، والسماك.
(٨) في الأصول: «وغاب» وهو تحريف. وفي البيت تهكم به وتعريض لأنه يدعى «أبا النجم».
(٩) سجال: جمع سجل بالفتح، وهو الدلو العظيمة مملوءة.