كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار مجنون بني عامر ونسبه

صفحة 346 - الجزء 2

  من عاذري من غريم غير ذي عسر⁣(⁣١) ... يأبى⁣(⁣٢) فيمطلني ديني ويلويني

  لا يبعد النقد من حقّي فينكره ... ولا يحدّثني أن سوف يقضيني

  وما كشكرى شكر لو يوافقني ... ولا مناي سواه لو يوافيني⁣(⁣٣)

  أطعته وعصيت الناس كلَّهم ... في أمره وهواه وهو يعصيني

  قال⁣(⁣٤): فقلن له: ما أنصفك هذا الغريم الذي ذكرته! وجعلن يتضاحكن وهو يبكي، فاستحيت ليلى منهنّ ورقّت له حتى بكت، وقامت فدخلت بيتها وانصرف هو.

  - في الثلاثة الأبيات الأولى من هذه الأبيات هزج طنبوريّ للمسدود - قالا في خبرهما هذا: وكان للمجنون ابنا عمّ يأتيانه فيحدّثانه ويسلَّيانه ويؤانسانه، فوقف عليهما يوما وهما جالسان، فقالا له: يا أبا المهديّ ألا تجلس؟

  قال: لا، بل أمضي إلى منزل ليلى فاترسّمه وأرى آثارها فيه، فأشفي بعض ما في صدري بها، فقالا له: فنحن معك، فقال: إذا فعلتما أكرمتما وأحسنتما، فقاما معه حتى أتى دار ليلى، فوقف بها طويلا يتتبّع آثارها ويبكي ويقف في موضع موضع منها ويبكي ثم قال:

  صوت

  يا صاحبيّ ألمّا بي بمنزلة ... قد مرّ حين عليها إيّما حين

  إني أرى رجعات الحبّ تقتلني⁣(⁣٥) ... وكان في بدئها ما كان يكفيني

  لا خير في الحبّ ليست فيه قارعة ... كأنّ صاحبها في نزع موتون⁣(⁣٦)

  إن قال عذّاله مهلا فلان لهم ... قال الهوى غير هذا القول يعنيني⁣(⁣٧)

  ألقى من اليأس⁣(⁣٨) تارات فتقتلني ... وللرجاء بشاشات فتحييني

  الغناء لإبراهيم⁣(⁣٩) خفيف ثقيل من جامع غنائه وقال هشام بن الكلبيّ عن أبي⁣(⁣١٠) مسكين: إن جماعة من بني عامر حدّثوه قالوا: كان رجل من بني عامر


(١) العسر: لغة في العسر ضدّ اليسر. قال عيسى بن عليّ: كل اسم على ثلاثة أحرف أوّله مضموم وأوسطه ساكن فمن العرب من يثقله ومنهم من يخففه مثل عسر وعسر وحلم وحلم. انظر «اللسان» مادة عسر.

(٢) في أ، ب، س: «يأتي» وهو تحريف.

(٣) في ت، ح: «يواتيني».

(٤) كذا في جميع النسخ، ولعله: «قالا» بالتثنية لأنّ الخبر مروي عن خالد بن جميل وخالد بن كلثوم.

(٥) في ت: «قاتلتي».

(٦) في ت: بين هذا البيت والذي بعده ما نصه: «الموتون مضروب على الوتين وهو عرق معلَّق بنياط القلب» ولا ندري هل هو من أصل الكتاب أتى به المؤلف تفسيرا للموتون أو أن الناسخ وجده بهامش بعض النسخ فألحقه بالأصل. وتفسير الموتون بالمضروب على الوتين مطابق لقولهم في «كتب اللغة»: وتنه: أصاب وتينه، ونظيره مكلَّى إذا أصبت كليته، ومكبود إذا أصبت كبده.

(٧) كذا في ت، ح. وفي باقي النسخ: «يغنيني» بالغين المعجمة.

(٨) كذا في «ديوان الشعر والشعراء» في ترجمة المجنون، طبع ليدن ص ٣٥٨ وفي سائر النسخ: «من الحب».

(٩) كذا في أغلب النسخ: وفي م، ء، أ: «لابن أميّة».

(١٠) كذا في ت، ح. وفي سائر النسخ: «ابن مسكين»، وقد سبق في ص ٢٢ من هذا الجزء باسم «أبي مسكين» باتفاق النسخ، وسيأتي