أخبار محمد بن يسير ونسبه
  قل لمن رام بجهل ... مدخل الظَّبي الغرير
  بعد أن علَّق في خدّ ... يه مخلاة الشّعير
  ليته يدخل إن جا ... ء من الباب الكبير
  شعر له في عمرو القصافي وقد عان مفنية
  وأخبرني عمّي قال حدّثنا ابن مهرويه قال حدّثني القاسم بن الحسن مولى جعفر بن سليمان قال:
  كنّا في مجلس ومعنا محمّد بن يسير وعمرو القصافيّ(١)، وعندنا مغنية حسنة الوجه شهلة(٢) تغنّي غناء حسنا، فكنّا معها في أحسن يوم، وكان القصافيّ يعين(٣) في كل شيء يستحسنه ويحبّه، فما برحنا من المجلس حتى عانها، فانصرفت محمومة شاكية العين. فقال ابن يسير:
  /
  إنّ عمرا جنى بعينيه ذنبا ... قلّ منّي فيه عليه الدّعاء
  عان عينا(٤)، فعينه للتي عا ... ن فدى، وقلّ منه الفداء
  شرّ عين تعين أحسن عين ... تحمل الأرض أو تظلّ السماء(٥)
  استعار حمارا من جار له فأبى عليه فقال شعرا يشكوه
  أخبرني عمّي قال حدّثنا ابن مهرويه قال حدّثنا القاسم بن الحسن قال: استعار ابن يسير من بعض الهاشميين من جيرانه حمارا كان له ليمضي عليه في حاجة أرادها [فأبى عليه](٦)، فمضى إليها ماشيا، وكتب إلى عمرو القصافيّ - وكان جارا للهاشميّ وصديقا - يشكوه إليه ويخبره بخبره:
  إن كنت لا عير لي يوما يبلَّغني ... حاجي وأقضي عليه حقّ إخواني(٧)
  وضنّ أهل العواري حين أسألهم ... من أهل ودّي وخلصاني وجيراني(٨)
  فإنّ رجليّ عندي - لا عدمتهما - ... رجلا أخي ثقة مذكان جولاني(٩)
  تبلَّغاني حاجاتي وإن بعدت ... وتدنياني مما ليس بالداني
  كأنّ خلفي إذا ما جدّ جدّهما ... إعصار عاصفة مما تثيران
(١) القصافي: نسبة إلى بني قصاف، وهم بطن من العرب.
(٢) الشهلة: النّصف العاقلة.
(٣) عانه كباع: أصابه بعينه.
(٤) عيناء: واسعة العين، قصر للشعر.
(٥) في الأصول: «أو تقل السماء».
(٦) زيادة يستقيم بها الكلام.
(٧) العير: الحمار، وغلب على الوحشي. حاج: جمع حاجة.
(٨) العواري: جمع عارية، وهي ما يستعار، وفي الجمع والمفرد التخفيف والتشديد. وفلان خلصي، بالكسر؛ وهو الخالص المودة، وهم خلصاني، بالضم، يستوي فيه الواحد والجماعة. وتقول: هؤلاء خلصاني وخلصاني (كظرفاء).
(٩) في الأصول: «جولان» وهو تحريف. يقال: رجل جولانيّ (بتشديد الياء) أي عام المنقعة للقريب والبعيد يجول معروفه في كل أحد.