كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار محمد بن يسير ونسبه

صفحة 275 - الجزء 14

  أكلوا حتّى إذا شبعوا ... أخذوا الفضل الَّذي تركوا

  قال: فبعث إلينا فأحضرنا فأغرمنا مائة درهم، وأخذ من كلّ واحد منّا جلَّة تمر، ودفع ذلك إليه.

  قصته مع أحمد بن يوسف

  أخبرني الأخفش قال حدّثنا أبو العيناء قال:

  كان بين محمّد بن يسير وأحمد بن يوسف الكاتب شرّ، فزجّه⁣(⁣١) أحمد يوما بحماره تعرّضا لشرّه وعبثا به، فأخذ ابن يسير بأذن الحمار وقال له: قل لهذا الحمار الراكب فوقك لا يؤذي الناس، فضحك أحمد ونزل، فعانقه وصالحه.

  قصته مع أبي عمرو المديني وشعره في ذلك

  أخبرني عمي قال حدّثنا ابن مهرويه قال: حدّثني محمّد بن عليّ الشاميّ قال:

  طلب محمّد بن يسير من ابن أبي عمرو المدينيّ فراخا من الحمام الهدّاء⁣(⁣٢)، فوعده أن يأخذها له من المثنّى بن زهير، ثم نوّر⁣(⁣٣) عليه (أي أعطاه فراخا غير منسوبة دلَّسها عليه وأخذ المنسوبة لنفسه). فقال محمّد بن يسير:

  يا ربّ ربّ الرائحين عشيّة ... بالقوم بين منى وبين ثبير⁣(⁣٤)

  / والواقفين على الجبال عشية ... والشمس جانحة إلى التغوير⁣(⁣٥)

  حتى إذا طفل العشيّ ووجّهت ... شمس النهار وآذنت بغئور⁣(⁣٦)

  رحلوا إلى خيف نواحل ضمّها ... طول السّفار وبعد كلّ مسير⁣(⁣٧)

  ابعث على طير المدينيّ الَّذي ... قال المحال وجاءني بغرور⁣(⁣٨)

  ابعث على عجل إليها بعد ما ... يأخذن زينتهنّ في التحسير⁣(⁣٩)


(١) زجه: طعنه بالزج ورماه به. والمعنى هنا صدمه.

(٢) في ب، س «الهندي» وهو تحريف. وفي ج «الهدى» بألف مقصورة. والهدّاء: ضرب من الحمام وهو ما يعرف بالزاجل.

الواحد الهادي، جاء في «المخصص» ٨: ١٧٠ «وهنّ اللائي يدرّبن ويرفعن من مرحل إلى مرحل حتى يجئن من البعد؛ من بلاد الروم وعريش بمصر ودون ذلك من مواضع كثيرة مسماة، وهي محفوظة أنسابهن ...».

(٣) نوّر عليه: لبّس عليه أمره، وأصله أن امرأة كانت تسمى «نورة» بالضم، وكانت ساحرة، فقيل لمن فعل فعلها قد نوّر.

(٤) ثبير: جبل بمكة.

(٥) جانحة: مائلة. وغوّرت الشمس تغويرا: غارت وغربت.

(٦) طفلت الشمس كنصر: دنت للغروب. وجهت: توجهت، أي ولت وذهبت. وغارت غيارا وغئورا: غابت.

(٧) خيف، يريد خفيف منى، وهو ناحية منها. والخيف ما انحدر من غلظ الجبل وارتفع عن سيل الماء، ومنه سمي مسجد الخيف من منى؛ قال مجنون ليلى:

ولم أر ليلى بعد موقف ساعة ... بخيف منى ترمي جمار المحصب

وفي ب، س: «جيف» وهو تصحيف. رحلوا نواحل، أي إبلا نواحل مهزولة. ورحل البعير: حط عليه الرحل.

(٨) أي ابعث عليها ما يؤذيها ويهلكها.

(٩) التحسير: سقوط ريش الطائر. وانحسرت الطير: خرجت من الريش العتيق إلى الحديث.