أخبار ديك الجن ونسبه
  /
  في الدار بعد بقيّة نستامها ... إذ ليس فيك بقيّة تستام(١)
  عرم الزّمان على الدّيار برغمهم ... وعليك أيضا للزّمان عرام(٢)
  شغل الزمان كراك في ديوانه ... فتفرّغت لدواتك الأقلام(٣)
  قال فيه أيضا:
  قولا لبكر بن دهمرد إذا اعتكرت ... عساكر اللَّيل بين الطَّاس والجام(٤)
  ألم أقل لك إنّ البغي مهلكة ... والبغي والعجب إفساد لأقوام
  قد كنت تفرق من سهم بغانية ... فصرت غير رميم رقعة الرامي(٥)
  وكنت تفزع من لمس ومن قبل ... فقد ذللت لإسراج وإلجام
  إن تدم فخذاك من ركض فربّتما ... أمسي وقلبي عليك الموجع الدامي
  / أخبرني أبو المعتصم عاصم بن محمّد الشاعر بأنطاكية، وبها أنشدني قصيدة البحتريّ:
  ملامك إنّه عهد قريب ... ورزء ما انقضت منه النّدوب(٦)
  وأنشدني لديك الجنّ يعزّي جعفر بن عليّ الهاشميّ:
  نغفل والأيّام لا تغفل ... ولا لنا من زمن موئل
  والدّهر لا يسلم من صرفه ... أعصم في القنّة مستوعل(٧)
  يتّخذ الشّعرى شعارا له ... كأنما الأفق له منزل(٨)
  كأنّه بين شناظيرها ... بارقة تكمن أو تمثل(٩)
  ولا حباب صلتان السّرى ... أرقم لا يعرف ما يجهل(١٠)
(١) السوم: عرض السلعة على البيع، واستامه إياها: غالى.
(٢) عرم (كنصر وضرب وعلم وكرم عرامة وعراما): اشتدّ. وفي الأصول
«غرم ... عزم ... غرام»
وهو تصحيف.
(٣) في س «فتفرقت» وهو تحريف، وكنى بالدواة والأقلام عما يستقبح ذكره.
(٤) اعتكر الليل: اشتد سواده والتبس، واعتكروا: اختلطوا في الحرب، واعتكر العسكر: رجع بعضهم على بعض فلم يقدر على عدّهم. والجام: إناء من فضة.
(٥) تفرق: تفزع. وأراد بسهم الغانية: عينها. غير رميم: غير بال، من رم العظم (كضرب) إذا بلى وربما كان غير ذميم «أو» دميم.
(٦) البيت مطلع قصيدة للبحتري يرثي غلامه قيصر. ملامك: أي دع ملامك واكفف. وفي «الديوان» «ما عفت منه الندوب» وعفا الأثر:
درس وامّحى.
(٧) صرف الدهر: حدثانه ونوائبه. والأعصم من الوعول: ما في ذراعيه أو في إحداهما بياض وسائره أسود أو أحمر. والقنة: أعلى الجبل كالقلة. واستوعل الوعل: إذا ذهب في قلة الجبل.
(٨) الشعرى: كوكب نير يطلع بعد الجوزاء، وهما شعريان: الشعرى العبور، والشعرى الغميصاء وفي ب، س «الشعر» وهو تحريف.
وأصل الشعار: ما ولى شعر الجسد من الثياب.
(٩) شناظير الجبل: أطرافه وحروفه، الواحد شنظير كخنزير.
(١٠) الحباب: الحية، وهو معطوف على أعصم. والصلتان: النشيط الحديد الفؤاد من الخيل. والسري: سير عامة الليل. والأرقم:
أخبث الحيات وأطلبها للناس.