أخبار قيس بن عاصم ونسبه
  قائلون(١) / في يوم شديد الحرّ. فما شعر الحوفزان إلَّا بالأهتم بن سميّ بن سنان بن خالد بن منقر - واسم الأهتم سنان - وهو واقف على رأسه، فوثب الحوفزان إلى فرسه فركبه وقال للأهتم: من أنت؟ فانتسب له، وقال: هذه منقر قد أتتك. فقال الحوفزان: فأنا الحارث بن شريك! فنادى الأهتم: يا آل سعد! ونادى الحوفزان: يا آل وائل! وحمل كلّ واحد منهما على صاحبه، ولحقت بنو منقر، فاقتتلوا أشدّ قتال وأبرحه(٢)، ونادت نساء بني ربيع: يا آل سعد! فاشتدّ قتال بني منقر لصياحهن، فهزمت بكر بن وائل، وخلَّوا من(٣) كان في أيديهم من بني مقاعس، وما كان في أيديهم من أموالهم، وتبعتهم بنو منقر بين قتل وأسر؛ فأسر الأهتم حمران بن عبد عمرو(٤)، وقصد قيس بن عاصم الحوفزان، ولم يكن له همّة غيره، والحارث على فرس له قارح(٥) يدعى الزّبد، وقيس على مهر، فخاف قيس أن يسبقه الحارث، فحفزه بالرّمح في استه، فتحفّز به الفرس فنجا، فسمّي الحوفزان. وأطلق قيس أموال بني مقاعس وبني ربيع وسباياهم، وأخذ أموال بكر بن وائل وأساراهم.
  أبياته الَّتي قالها في يوم جدود
  وانتقضت طعنة قيس على الحوفزان بعد سنة فمات. وفي هذا اليوم يقول قيس بن عاصم:
  جزى اللَّه يربوعا بأسوأ فعلها(٦) ... إذا ذكرت في النائبات أمورها
  / ويوم جدود قد فضحتم ذماركم ... وسالمتم والخيل تدمى نحورها(٧)
  ستخطم سعد والرّباب أنوفكم ... كما حزّ في أنف القضيب جريرها(٨)
  وقال سوّار(٩) بن حيّان المنقريّ:
  ونحن حفزنا الحوفزان بطعنة ... سقته(١٠) نجيعا من دم الجوف أشكلا(١١)
  وحمران قسرا أنزلته رماحنا ... فعالج غلَّا في ذراعيه مقفلا
  إغارته على اللهازم يوم النباج وثيتل وما قال ابنه علي في ذلك اليوم
= فأصاب نسوة وهم خلوف وأصاب إبلا، فإن الصريخ بني سعد، فركب قيس بن عاصم في بني سعد ...
(١) القائلة: نصف النهار، وقال: نام في القائلة، فهو قائل.
(٢) أبرحه: أشدّه وأشقّه.
(٣) في الأصول: «ما كان» تحريف.
(٤) في «العقد الفريد»: «حمران بن بشر بن عمرو بن مرثد». وفي «لسان العرب» مادة (حفز): «حمران بن عبد بن عمرو بن بشر بن عمرو بن مرثد».
(٥) قرح الفرس قروحا: إذا ألقى أقصى أسنانه، وذلك إذا اسنتم الخامسة ودخل في السادسة. والزبد ككتف (كما في «القاموس المحيط»).
(٦) في «النقائض» و «العقد» «سعيها».
(٧) الذمار: ما يلزمك حفظه وحمايته. وفي «معجم البلدان» و «العقد الفريد» و «النقائض»: «قد فضحتم أباكم»؛ يعني ما كان منهم من موادعة الحوفزان، وقد تقدّم خبرها.
(٨) خطمه: ضرب أنفه، والرباب: خمس قبائل تجمعوا فصاروا يدا واحدة، وهم ضبة وثور وعكل (كقفل) وتيم وعديّ، والقضيب:
الناقة الَّتي لم ترض. والجدير: الزمام.
(٩) كذا في «الأصول» و «أمالي» السيد المرتضى ١: ٧٧ و «النقائض». وفي «العقد الفريد»: «سويد».
(١٠) في «العقد الفريد» و «النقائض»: «تمج تجيعا».
(١١) حفزه بالرمح طعنه. والنجيع من الدم: ما كان إلى السواد، أو دم الجوف. والأشكل: ما يخلط سواده حمرة.