أخبار قيس بن عاصم ونسبه
  كان قيس بن عاصم يكنى أبا عليّ، وكان خاقان بن الأهتم إذا ذكره قال: بخ! من مثل أبي عليّ!
  تطيف به كعب بن سعد كأنّما ... يطيفون عمّارا ببيت محرّم(١)
  بعض صفات قومه بني منقر
  وقال علَّان بن الحسن الشّعوبي: بنو منقر قوم غدر، يقال لهم(٢) الكوادن، ويلقّبون أيضا أعراف البغال، وهم أسوأ خلق اللَّه جوارا، يسمّون الغدر كيسان(٣)، وفيهم بخل شديد.
  وصيته لبنيه بحفظ المال
  وأوصى قيس بن عاصم بنيه، فكان أكثر وصيّته إيّاهم أن يحفظوا المال، والعرب لا تفعل ذلك وتراه قبيحا.
  وفيهم يقول الأخطل بن ربيعة بن النّمر بن تولب:
  يا منقر بن عبيد إنّ لؤمكم ... مذ عهد آدم في الدّيوان مكتوب
  للضّيف حقّ على من كان ذا كرم ... والضّيف في منقر عريان مسلوب
  وقال النمر بن تولب يذكر تسميتهم الغدر كيسان في قصيدة هجاهم بها:
  إذا ما دعوا كيسان كانت كهولهم ... إلى الغدر أدنى من شبابهم المرد
  قال: وهذا شائع في جميع بني سعد(٤)، إلا أنهم يتدافعونه إلى بني منقر، وبنو منقر يتدافعونه إلى بني سنان بن خالد بن منقر، وهو جدّ قيس بن عاصم.
  وفوده على النبي مع عمرو بن الأهتم وتهاترهما أمامه
  وحكى ابن الكلبي أنّ النبي ﷺ لمّا افتتح مكَّة قدمت عليه وفود العرب، فكان فيمن قدم عليه قيس بن عاصم وعمرو بن الأهتم ابن عمّه، فلمّا صارا عند النبي ﷺ تسابّا وتهاترا(٥)؛ فقال قيس لعمرو بن الأهتم: واللَّه يا رسول اللَّه ما هم منّا، وإنهم لمن أهل الحيرة. فقال عمرو بن الأهتم: بل هو واللَّه يا رسول اللَّه من الروم وليس منا. ثم قال له:
  /
  ظللت مفترش الهلباء تشتمني ... عند الرّسول فلم تصدق ولم تصب
  الهلباء يعني استه، يعيره بذلك، وبأن عانته وافية.
  إن تبغضونا فإنّ الرّوم أصلكم ... والرّوم لا تملك البغضاء للعرب
(١) في الأصول: «ببيت عرمرم» وهو تحريف. وعمارا: أي معتمرين، من العمرة، وهي الحج الأصغر. والفرق بينها وبين الحج أن العمرة الطواف بالبيت الحرام والسعي بين الصفا والمروة فقط، والحج لا يكون إلا مع الوقوف بعرفة يوم عرفة، وأن العمرة تكون في السنة كلها، والحج لا يكون إلا في أشهر الحج: شوال وذي القعدة وعشر من ذي الحجة.
(٢) الكوادن: جمع كودن، وهو البغل والبرذون والفيل، ويشبه به البليد.
(٣) في ب، س: «وكيسان» بالواو؛ وهو خطأ.
(٤) بنو سعد أخو النمر بن تولب. والبيت في «اللسان» (كيس)، وقبله:
إذا كنت في سعد وأمك منهم ... غريبا فلا يغررك خالك من سعد
(٥) تهاترا: تسابا بالباطل.