أخبار قيس بن عاصم ونسبه
  سدنا فسوددنا عود وسوددكم ... مؤخّر عند أصل العجب والذّنب(١)
  قال: وإنّما نسبه إلى الرّوم لأنه كان أحمر. فيقال: إنّ النبي ﷺ نهاه عن هذا القول في قيس، وقال: إن إسماعيل بن إبراهيم - صلَّى اللَّه عليهما وسلَّم - كان أحمر. فأجابه قيس بن / عاصم فقال:
  ما في بني الأهتم من طائل ... يرجى ولا خير له يصلحون
  قل لبني الحيريّ مخصوصة ... تظهر منهم بعض ما يكتمون
  لولا دفاعي كنتم أعبدا ... مسكنها الحيرة فالسّيلحون(٢)
  جاءت بكم عفرة من أرضها ... حيريّة ليست كما تزعمون
  في ظاهر الكفّ وفي بطنها ... وسم(٣) من الدّاء الَّذي تكتمون
  ارتداده
  وذكر علَّان أنّ قيسا ارتدّ بعد النبيّ ﷺ عن الإسلام، وآمن بسجاح، وكان مؤذّنها، وقال في ذلك:
  أضحت نبيّتنا أنثى نطيف بها ... وأصبحت أنبياء اللَّه ذكرانا
  قال: ثم لمّا تزوّجت سجاح بمسيلمة الكذّاب الحنفيّ وآمنت به آمن به قيس معها. فلمّا غزا خالد بن الوليد اليمامة وقتل اللَّه مسيلمة أخذ قيس بن عاصم أسيرا، فادّعى عنده أنّ مسيلمة أخذ ابنا له، فجاء يطلبه. فأحلفه خالد على ذلك، فحلف فخلَّى سبيله، ونجا منه بذلك.
  قصته مع عبادة بن مرثد
  قال: ومما يعيّرون به أنّ عبادة بن مرثد بن عمرو بن مرثد أسر قيس بن عاصم وسبى أمّه وأختيه يوم أبرق الكبريت(٤)، ثم منّ عليهم فأطلقهم بغير فداء، فلم يثبه قيس ولم يشكره على فعله بقول يبلغه. فقال عبادة في ذلك:
  على أبرق الكبريت قيس بن عاصم ... أسرت وأطراف القناقصد حمر(٥)
  متى يعلق السّعديّ منك بذمّة ... تجده إذا يلقى وشيمته الغدر
  قال: وكان قيس بن عاصم يسمّى في الجاهلية الكودن.
  قصته مع زيد الخيل
  وكان زيد الخيل الطائيّ خرج عن قومه وجاور بني منقر، فأغارت عليهم بنو عجل وزيد فيهم، فأعانهم وقاتل بني عجل قتالا شديدا، وأبلى بلاء حسنا، حتى انهزمت عجل؛ فكفر قيس فعله وقال: ما هزمهم غيري. فقال زيد
(١) العجب: أصل الذنب ومؤخر كل شيء.
(٢) السيلحون: بلد قرب الحيرة بين الكوفة والقادسية.
(٣) في «معجم البلدان»: «وشم».
(٤) أبرق الكبريت: موضع كان به يوم من أيام العرب.
(٥) قصد: قطع، جمع قصدة كقطعة.