أخبار محمد بن حازم ونسبه
  /
  وكان مضيّا على غدره ... فعيّب، والغادر الأخيب(١)
  أيابن حميد كفرت النّعي ... م جهلا ووسوسك المذهب(٢)
  ومنّتك نفسك ما لا يكون ... وبعض المنى خلَّب يكذب
  وما زلت تسعى على منعم ... ببغي وتنهى فلا تعتب
  فأصبحت بالبغي مستبدلا ... رشادا وقد فات مستعتب
  قال: وقال فيه لمّا شخص إلى حيث وجّهه الحسن بن سهل:
  إذا استقلَّت بك الرّكاب ... فحيث لا درّت السحاب
  زالت سراعا وزلت يجري ... ببينك الظَّبي والغراب
  بحيث لا يرتجى إياب ... وحيث لا يبلغ الكتاب
  فقبل معروفك امتنان ... ودون معروفك العذاب
  / وخير أخلاقك اللَّواتي ... تعاف أمثالها الكلاب
  ردّه على من عابه بقصر شعره
  حدّثني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمّار قال: حدّثني أبي قال: قال يحيى بن أكثم لمحمد بن حازم الباهليّ: ما نعيب شعرك إلَّا أنّك لا تطيل؛ فأنشأ يقول:
  أبى لي أن أطيل الشعر قصدي ... إلى المعنى وعلمي بالصّواب
  وإيجازي بمختصر قريب ... حدفت به الفضول من الجواب
  فأبعثهنّ أربعة وخمسا ... مثقّفة بألفاظ عذاب(٣)
  / خوالد ما حدا ليل نهارا ... وما حسن الصّبا بأخي الشّباب
  وهنّ إذا وسمت بهنّ قوما ... كأطواق الحمائم في الرّقاب
  وهنّ إذا أقمت مسافرات ... تهادتها الرّواة مع الرّكاب
  خبره مع أبي ذؤيب
  حدّثني حبيب بن نصر المهلَّبي قال: حدّثنا عليّ بن محمّد بن سليمان النّوفليّ قال:
  كان بالأهواز(٤) رجل يعرف بأبي ذؤيب من التّتار، وكان مقصد الشعراء وأهل الأدب، فقصده محمّد بن
(١) مضيا: مبالغة في ماض.
(٢) وسوس المذهب الرجل: كلمه كلاما خفيا، أي ناجاك مذهبك الخبيث الدنئ فسوّل لك أن تفعل ما فعلت.
(٣) أي فأبعثهن أربعة أبيات وخمسة أبيات. وقد أنث العدد الأول وذكر الثاني، وهو جائز. وذلك أنه إذا حذف المعدود مع قصده في المعنى، فالفصيح أن يكون كما لو ذكر؛ تقول: صمت خمسة تريد أياما، وسهرت خمسا تريد ليالي. ويجوز أن تحذف التاء من المذكر كحديث: «من صام رمضان وأتبعه بست من شوّال».
(٤) الأهواز: إقليم في الجنوب الغربي من فارس.