أخبار محمد بن حازم ونسبه
  أجل وفي الدّهر - على أنه ... موكَّل بالبين - مستعتب
  / سقيا ورعيا لزمان مضى ... عنّي، وسهم الشّامت الأخيب
  قد جاءني منك مويل فلم ... أعرض له والحرّ لا يكذب(١)
  أخذي مالا منك بعد الَّذي ... أو دعتنيه مركب يصعب
  أبيت أن أشرب عند الرضا ... والسّخط إلَّا مشربا يعذب
  أعزّني اليأس وأغنى فما ... أرجو سوى اللَّه ولا أهرب(٢)
  قارون عندي في الغنى معدم ... وهمّتي ما فوقها مذهب
  فأيّ هاتين تراني بها ... أصبو إلى مالك أو أرغب؟
  خبره مع أحمد بن يحيى
  حدّثنا محمّد بن العبّاس اليزيدي وعيسى بن الحسين الورّاق، واللفظ له، قالا: حدّثنا الخليل بن أسد النّوشجانيّ قال، حدّثنا حمّاد بن يحيى قال: حدّثنا أحمد بن يحيى قال: آخر ما فارقت عليه محمّد بن حازم أنه قال: لم يبق شيء من اللَّذّات إلَّا بيع السّنانير. فقلت له: سخنت(٣) عينك! أيش(٤) لك في بيع السنانير من اللَّذّات؟ قال: يعجبني أن تجيئني العجوز الرّعناء تخاصمني وتقول: هذا سنّوري سرق منّي، وأخاصمها وأشتمها وتشتمني، وأغيظها وأباغضها؛ ثم أنشدني:
  صل خمرة بخمار ... وصل خمارا بخمر(٥)
  وخذ بحظَّك منها ... زادا إلى حيث تدري
  قال: قلت: إلى أين ويحك؟ قال: إلى النار يا أحمق.
  ردّه على كتاب أحمد بن أبي نهيك
  أخبرني الحسن بن عليّ الخفّاف قال: حدّثنا محمّد بن القاسم بن مهرويه قال: حدّثني الحسن بن أبي السّريّ قال:
  كان إسحاق بن أحمد بن أبي نهيك آنسا بمحمد بن حازم الباهليّ يدعوه ويعاشره مدّة. فكتب إليه يستزيره ويعاتبه عتابا أغضبه؛ وبلغه أنه غضب، فكتب إليه:
  ما مستزيرك في ودّ رأى خللا ... في موضع الأنس أهلا منك(٦) للغضب
(١) في ب، س: «ذو موئل» وهو تحريف، ومويل: تصغير مال.
(٢) في الأصول: «أعزبي البأس» وهو تصحيف. وكان الأنسب به أن يقول: «ولا أرهب».
(٣) يقولون في شتم المرء والدعاء عليه: «سخنت عينه» أي من حرارة البكاء، و «أسخن اللَّه عينه» أي أبكاه، وهو نقيض قولهم في الدعاء له: «قرّت عينه» أي بردت وانقطع بكاؤها، أو رأت ما كانت متشوّقة إليه، «أقر اللَّه عينه».
(٤) في الأصول: «أليس» وهو تحريف.
(٥) خمار الخمر: ما خالط من سكرها.
(٦) في الأصول: «عنك» وهو تحريف.