كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار محمد بن حازم ونسبه

صفحة 321 - الجزء 14

  قد كنت توجب لي حقّا وتعرف لي ... قدري وتحفظ منّي حرمة الأدب

  ثم انحرفت إلى الأخرى فأحشمني ... ما كان منك بلا جرم ولا سبب⁣(⁣١)

  وإنّ أدنى الَّذي عندي مسامحة ... في حاجتي بعد أن أعذرت في الطلب⁣(⁣٢)

  فاختر فعندي من ثنتين واحدة ... عذر جميل وشكر ليس باللَّعب ... فإن تجدّد كما قد كنت⁣(⁣٣) تفعله

  خبره مع الحسن بن سهل

  حدّثني محمّد بن يونس الأنباريّ المعروف بمحصنة قال: حدّثني ميمون بن هارون قال:

  قال محمّد بن حازم الباهليّ: عرضت لي حاجة في عسكر أبي محمّد الحسن بن سهل، فأتيته، وقد كنت قلت في السفينة شعرا، فلمّا دخلت على محمّد بن سعيد بن سالم انتسبت له، فعرفني، فقال: / ما قلت فيه شيئا؟ فقال له رجل كان معي: بلى، قد قال أبياتا وهو في السفينة؛ فسألني أن أنشده، فأنشدته قولي:

  /

  وقالوا لو مدحت فتى كريما ... فقلت وكيف لي بفتى كريم؟

  بلوت الناس مذ خمسين عاما ... وحسبك بالمجرّب من عليم

  فما أحد يعدّ ليوم خير ... ولا أحد يعود ولا حميم⁣(⁣٤)

  ويعجبني الفتى وأظنّ خيرا ... فأكشف منه عن رجل لئيم

  تقيّل بعضهم بعضا فأضحوا ... بني أبوين قدّا⁣(⁣٥) من أديم

  فطاف الناس بالحسن بن سهل ... طوافهم بزمزم والحطيم⁣(⁣٦)

  وقالوا سيّد يعطي جزيلا ... ويكشف كربة الرجل الكظيم⁣(⁣٧)

  فقلت مضى بذمّ القوم شعري ... وقد يؤتى البريء من السّقيم

  وما خبر ترجّمه ظنوني ... بأشفى من معاينة الحليم⁣(⁣٨)

  فجئت وللأمور مبشّرات ... ولن يخفى الأغرّ من البهيم⁣(⁣٩)

  فإن يك ما تنشّر عنه حقّا ... رجعت بأهبة الرجل المقيم


(١) أحشمني: أغضبني.

(٢) أعذر: أبدى عذرا وبالغ فيه.

(٣) الشطر الثاني من هذا البيت ساقط. في الأصول. وهذه الأبيات كتبت في النسخة المخطوطة شطرا تحت شطر.

(٤) يلاحظ أن في البيت إقواء.

(٥) في الأصول: «فذا» وهو تصحيف. وتقيل: أشبه.

(٦) زمزم: بئر عند الكعبة. والحطيم: حجر الكعبة (بكسر الحاء) أو جداره، أو ما بين الركن وزمزم.

(٧) الكظيم: المكروب.

(٨) كلام مرجم: أي عن غير يقين.

(٩) الأغر: ذو الغرّة، وهي بياض في الجبهة. والبهيم: الأسود.