أخبار ابن أبي الزوائد ونسبه
  قالها شاعر لو أنّ القوافي ... كنّ صخرا أطارهن جذاذا(١)
  شعره حين شرب خمرا
  قال الزبير: وأنشدني له أبو غسّان محمّد بن يحيى، وكان قد دخل إلى رجلين من أهل الحجاز / يقال لأحدهما أبو الجوّاب، والآخر أبو أيّوب، فسقياه نبيذا على أنه طريّ لا يسكر، فأسكره؛ فقال:
  سقاني شربة فسكرت منها ... أبو الجوّاب صاحبي الخبيث
  وعاونه أبو أيّوب فيها ... ومن عاداته الخلق الخبيث
  فلمّا أن تمشّت في عظامي ... وهمّت وثبتي منها تريث(٢)
  علمت بأنّني قد جئت أمرا ... تسوء به المقالة والحديث
  فدعهم - لا أبالك - واجتنبهم ... فإنّ خليطهم لهو اللَّويث(٣)
  وتمام الأبيات الَّتي فيها الغناء بعد البيتين المذكورين:
  كالشمس في شرقها إذا سفرت ... عنها ومثل المهاة ملتثمه(٤)
  ما صوّر اللَّه حين صوّرها ... في سائر الناس مثلها نسمه
  كلّ بلاد الإله جئت فما ... أبصرت شبها لها - وقد علمه -
  أنثى(٥) من العالمين تشبهها ... عابسة هكذا ومبتسمه
  فتّانة المقلتين مخطفة ال ... أحشاء منها البنان كالعنمه(٦)
  إذا تعاطت شيئا لتأخذه ... قلت غزال يعطو إلى برمه(٧)
  / يا طيب فيها وطيب قبلتها ... والقرب منها في اللَّيلة الشّجمه(٨)
  إنّ من اللذّة الَّتي بقيت ... غشيانك الخود من بني سلمه
  لا تهجر الخود إن تغال بها ... بعد سلوّ، وقبل ذاك فمه(٩)
(١) الجذاذ: قطع ما كسر، القطعة جذاذة. وقال الفراء في قوله تعالى: {فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً} هو مثل الحطام والرفات، ومن قرأها جذاذا بالكسر فهو جمع جذيذ مثل خفيف وخفاف.
(٢) راث يريث: أبطأ.
(٣) الخليط: المخالط، واللويث، الَّذي في كتب اللغة: الألوث: الأحمق، فالوصف على أفعل، وقد صاغه الشاعر على فعيل، أو هو بمعنى ملوّث ملطخ، فعيل بمعنى اسم المفعول.
(٤) سفرت المرأة: كشفت عن وجهها. والمهاة: البقرة الوحشية.
(٥) في س: «أنفى العالمين» وهو تحريف.
(٦) إخطاف الحشا: انطواؤه وضمره. والعنم: شجر له ثمر أحمر تشبه به بنان الجواري.
(٧) في س: «تعاطت شيء» وهو تحريف، والعطو: التناول ورفع الرأس واليدين. والبرمة: واحدة البرم، وهو ثمر الطلح أو ثمر الأراك.
(٨) الشبمة: الباردة.
(٩) غالى به: اشتراه بثمن غال. ومه: كف. والمعنى: إن تغال بالحبيبة فلا تهجرها بعد سلوها إياك، وكف عن هجرها قبل السلو - وذاك أولى بك - أي لا تهجرها ولا تقطع وصلها سالية لك أو غير سالية.