أخبار ابن أبي الزوائد ونسبه
  آتي معدّا لها الكلام فما ... أنطق من هيبة ولا كلمه
  أحبّ واللَّه أن أزوركم ... وحدي كذا أو أزوركم بلمه(١)
  هذا الجمال الَّذي سمعت به ... سبحان ذي الكبرياء والعظمة
  من أبصرت عينه لها شبها ... حلّ عليه العذاب والنّقمه(٢)
  صوت
  يا هنديا هند نوّلي رجلا ... وكيف تنويل من سفكت دمه
  أو تدركي نفسه فقد هلكت ... أو ترحميه فمثلكم رحمه
  أمر المنصور بزواج بني عبد مناف بالمنافيات
  أخبرني حبيب بن نصر المهلَّبي قال: حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال: حدّثني محمّد بن جعفر بن قادم(٣) مولى بني هاشم قال: حدّثني عمّي أحمد بن جعفر عن ابن دأب قال:
  / خرجت أنا وأخي يحيى وابن أبي السّعلاء(٤) ومعنا مصعب بن عبد اللَّه النّوفليّ(٥) وثابت والزّبير ابنا خبيب بن ثابت بن عبد اللَّه بن الزّبير وابن أبي الزوائد السعدي وابن أبي ذئب متنزّهين إلى العقيق، وقد سأل يومئذ، إذا أتانا آت ونحن جلوس، فسألناه عن الخبر بالمدينة؟ فقال: ورد كتاب أمير المؤمنين المنصور أن لا تتزوّج منافيّة(٦) إلا منافيّا. قال ابن أبي ذئب(٧): إذن واللَّه لا يخطب قرشيّ إلَّا من لا يحبّها، ولا يرغب فيمن لا يرغب فيها ممن لا فضل له عليها، وكان غير حسن الرأي في بني هاشم. وتكلم ابنا خبيب بمثل ذلك، وقال أحدهما. إنّ نسبنا من بني / عبد مناف قد طال، فأدالنا(٨) اللَّه منهم. قال: فغضب مصعب النّوفليّ وكان أحول فازدادت عيناه انقلابا، فقال: أما أنت يا بن أبي ذئب فو اللَّه ما شرّفتك جاهليّة ولا رفعك إسلام، فيقع في بال أحد أنّك عنيت بما جرى.
  وأما أنتما يا بني خبيب فبغضكما لبني عبد مناف تالد موروث، ولا يزال يتجدّد كلَّما ذكرتم قتل الزّبير(٩)، وإنّكم لمن طينتين مختلفتين: أما إحداهما فمن صفيّة، وهي الطَّينة الأبطحيّة السّنيّة، تنزعان إليها إذا نافرتما(١٠)، وتفخران بها إذا افتخرتما، والأخرى الطَّينة العوّاميّة الَّتي تعرفانها، ولو شئت أن أقول لقلت، ولكنّ صفيّة تحجزني، فأحسنا
(١) اللمة: الجماعة من الرجال ما بين الثلاثة إلى العشرة.
(٢) النقمة بفتح النون وكسر القاف، كالنقمة بكسر النون وفتحها مع سكون القاف.
(٣) في ب، س: «قاضم».
(٤) ساقطة من ج.
(٥) النوفلي: نسبة إلى نوفل بن عبد مناف بن قصي بن كلاب.
(٦) منافية: نسبة إلى عبد مناف المذكور، وهو الجد الثالث للنبي ﷺ.
(٧) كذا في ب، س، ويؤيده ما ورد بعد. وفي ج: «أبي الزوائد».
(٨) أداله اللَّه من عدوه: نصره عليه.
(٩) قتله عمرو بن جرموز بوادي السباع في وقعة الجمل، وأتى عليا بسيفه فقال علي: سيف طالما جلى الكرب عن وجه رسول اللَّه ﷺ، لكنه الجبن ومصارع السوء، وقاتل ابن صفية في النار والخبر مشهور.
(١٠) هي السيدة صفية بنت عبد المطلب عمة رسول اللَّه ﷺ، وأم الزبير بن العوام، والأبطحية: نسبة إلى الأبطح وهو أبطح مكة: مسيل واديها والمنافرة: المفاخرة والمحاكمة في الحسب.