كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي الأسد ونسبه

صفحة 341 - الجزء 14

  فلو شاء الإله وشاء موسى ... لآنس جانبي فرج بسعد

  قال: و «فرج» غلام كان لأبي الأسد، و «سعد» غلام كان لموسى فبعث إليه موسى بسعد، وقاسمه بعده بقيّة غلمانه، فأخذ شطرهم وأعطاه شطرهم.

  سبب هجاؤه أحمد بن أبي دواد

  أخبرني محمّد الخزاعيّ قال: حدّثني العبّاس بن ميمون طائع قال:

  هجا أبو الأسد أحمد بن أبي دواد فقال:

  أنت امرؤ غثّ الصّنيعة رثّها ... لا تحسن النّقمى إلى أمثالي

  نعماك لا تعدوك إلَّا في امرئ ... في مسك⁣(⁣١) مثلك من ذوي الأشكال

  / وإذا نضرت إلى صنيعك لم تجد ... أحدا سموت به إلى الإفضال

  فاسلم بغير سلامة ترجى لها ... إلَّا لسدّك خلَّة الأنذال⁣(⁣٢)

  قال: فأدّى إليه سلامة وهو عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن عائشة هذه الأبيات عن أبي الأسد، فبعث إليه ببرد واستكفّه⁣(⁣٣)، وبعث بابن عائشة إلى مظالم ماسبذان⁣(⁣٤)، وقال له: قد شركته في التّوبيخ لنا فشركناك في الصّفقة⁣(⁣٥)، فإن كنتما صادقين في دعواكما كنتما من الأنذال، وإن كنتما كاذبين فقد جريتما بالقبيح حسنا.

  سبب الهجاء

  حدّثني عليّ بن سليمان الأخفش قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن الحرون قال:

  كان سبب هجاء أبي الأسد أحمد بن أبي دواد أنّه مدحه فلم يثبه، ووعده بالثواب ومطله؛ فكتب إليه:

  ليتك إذ نبتني بواحدة ... تقنعني منك آخر الأبد

  تخلف ألَّا تبرّني أبدا ... فإنّ فيها بردا على كبدي

  اشف فؤادي منّي فإنّ به ... منّي جرحا نكأته بيدي⁣(⁣٦)

  إن كان رزقي إليك فارم به ... في ناظري حيّة على رصد⁣(⁣٧)

  قد عشت دهرا وما أقدّر أن ... أرضى بما قد رضيت من أحد

  فكيف أخطأت! لا أصبت ولا ... نهضت من عثرة إلى سدد⁣(⁣٨)


(١) المسك: الجلد.

(٢) الخلة هنا: الحاجة والفقر.

(٣) استكفه: طلب إليه أن يكف عنه.

(٤) ماسبذان: كورة ببلاد فارس.

(٥) في ب، س: «الصنعة» وهو تحريف.

(٦) نكأ القرحة كمنع: قشرها قبل أن تبرأ فنديت.

(٧) الرصد والمرصد: موضع الرصد. ومرصد الحية: مكمنها.

(٨) السدد والسداد: الاستقامة.