أخبار أبي الأسد ونسبه
  فلو شاء الإله وشاء موسى ... لآنس جانبي فرج بسعد
  قال: و «فرج» غلام كان لأبي الأسد، و «سعد» غلام كان لموسى فبعث إليه موسى بسعد، وقاسمه بعده بقيّة غلمانه، فأخذ شطرهم وأعطاه شطرهم.
  سبب هجاؤه أحمد بن أبي دواد
  أخبرني محمّد الخزاعيّ قال: حدّثني العبّاس بن ميمون طائع قال:
  هجا أبو الأسد أحمد بن أبي دواد فقال:
  أنت امرؤ غثّ الصّنيعة رثّها ... لا تحسن النّقمى إلى أمثالي
  نعماك لا تعدوك إلَّا في امرئ ... في مسك(١) مثلك من ذوي الأشكال
  / وإذا نضرت إلى صنيعك لم تجد ... أحدا سموت به إلى الإفضال
  فاسلم بغير سلامة ترجى لها ... إلَّا لسدّك خلَّة الأنذال(٢)
  قال: فأدّى إليه سلامة وهو عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن عائشة هذه الأبيات عن أبي الأسد، فبعث إليه ببرد واستكفّه(٣)، وبعث بابن عائشة إلى مظالم ماسبذان(٤)، وقال له: قد شركته في التّوبيخ لنا فشركناك في الصّفقة(٥)، فإن كنتما صادقين في دعواكما كنتما من الأنذال، وإن كنتما كاذبين فقد جريتما بالقبيح حسنا.
  سبب الهجاء
  حدّثني عليّ بن سليمان الأخفش قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن الحرون قال:
  كان سبب هجاء أبي الأسد أحمد بن أبي دواد أنّه مدحه فلم يثبه، ووعده بالثواب ومطله؛ فكتب إليه:
  ليتك إذ نبتني بواحدة ... تقنعني منك آخر الأبد
  تخلف ألَّا تبرّني أبدا ... فإنّ فيها بردا على كبدي
  اشف فؤادي منّي فإنّ به ... منّي جرحا نكأته بيدي(٦)
  إن كان رزقي إليك فارم به ... في ناظري حيّة على رصد(٧)
  قد عشت دهرا وما أقدّر أن ... أرضى بما قد رضيت من أحد
  فكيف أخطأت! لا أصبت ولا ... نهضت من عثرة إلى سدد(٨)
(١) المسك: الجلد.
(٢) الخلة هنا: الحاجة والفقر.
(٣) استكفه: طلب إليه أن يكف عنه.
(٤) ماسبذان: كورة ببلاد فارس.
(٥) في ب، س: «الصنعة» وهو تحريف.
(٦) نكأ القرحة كمنع: قشرها قبل أن تبرأ فنديت.
(٧) الرصد والمرصد: موضع الرصد. ومرصد الحية: مكمنها.
(٨) السدد والسداد: الاستقامة.