كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي الأسد ونسبه

صفحة 342 - الجزء 14

  /

  لو كنت حرّا كما زعمت وقد ... كددتني بالمطال لم أعد

  / صبرت لمّا أسأت بي، فإذا ... عدت إلى مثلها فعد وعد

  فإنّني أهل ذاك في طمعي ... وفي خطائي سبيل معتمد⁣(⁣١)

  أبعدني اللَّه حين يحملني ... حرصي على مثل ذا من الأود⁣(⁣٢)

  الآن أيقنت بعد فعلك بي ... أنّي عبد لأعبد قفد⁣(⁣٣)

  فصرت من سوء ما رميت به ... أكنى أبا الكلب لا أبا الأسد

  مدحه الفيض بن صالح

  أخبرني عليّ بن الحسين بن عبد السميع المروزيّ⁣(⁣٤) الورّاق قال: حدّثني عيسى بن إسماعيل تينة عن القحذميّ قال:

  كان أبو الأسد الشاعر - واسمه نباته بن عبد اللَّه الحمّاني - منقطعا إلى الفيض بن صالح وزير المهديّ، وفيه يقول:

  ولائمة لامتك يا فيض في النّدى ... فقلت لها لن يقدح اللَّوم في البحر

  أرادت لتنهى الفيض عن عادة النّدى ... ومن ذا الَّذي يثني السّحاب عن القطر؟

  مواقع جود الفيض في كلّ بلدة ... مواقع ماء المزن في البلد القفر

  كأنّ وفود الفيض لما تحمّلوا ... إلى الفيض لاقوا عنده ليلة القدر

  وكان أبو الأسد قبله منقطعا إلى أبي دلف مدّة، فلمّا قدم عليه عليّ بن جبلة العكوّك غلب عليه، وسقطت منزلة أبي الأسد عنده، فانقطع إلى الفيض بعد عزله عن الوزارة ولزومه منزله، وذلك في أيام الرشيد. وفيه يقول:

  /

  أتيت الفيض مشتكيا زماني ... فأعداني⁣(⁣٥) عليه جود فيض

  وفاضت كفّه بالبذل منه ... كما كفّ ابن عيسى ذات غيض⁣(⁣٦)

  مدحه حمدون بن إسماعيل وهجاؤه علي بن المنجم

  أخبرني عيسى بن الحسين قال: حدّثني ابن مهرويه قال: حدّثني عليّ بن الحسن بن الأعرابيّ قال:

  سأل أبو الأسد بعض الكتّاب، وهو عليّ بن يحيى المنجّم، حاجة يسأل فيها بعض الوزراء، فلم يفعل. وبلغ حمدون بن إسماعيل الخبر، فسأل له فيها مبتدئا ونجزها وأنفذها إليه. فقال أبو الأسد يهجو الرجل الَّذي كان سأله


(١) في الأصول: «فاني» «وفي خطاي» وهو تحريف، والخطاء والخطأ: ضد الصواب. وهو هنا بمعنى إخطاء.

(٢) الأود: الاعوجاج.

(٣) قفد جمع أقفد: وهو المسترخي العنق أو الغليظة. وفي الأصول «فقد» وهو تصحيف.

(٤) المروزي: نسبة إلى مرو، وهي بلد بفارس، وكانت قصبة خراسان، نسبة على غير قياس، وينسب إليها أيضا فيقال مروى بسكون الراء وفتحها.

(٥) أعداه عليه: نصره وأعانه وقواه.

(٦) غاض الماء غيضا: قل ونقص.