كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار قيس بن الحدادية ونسبه

صفحة 352 - الجزء 14

  قال أبو الفرج: هذه القصيدة مصنوعة، والشعر بيّن التوليد.

  شعر لابن الأحب في غارة هوازن على خزاعة

  وقال أبو عمرو: أغارت هوازن على خزاعة وهم بالمحصّب⁣(⁣١) من منى، فأوقعوا ببطن منهم يقال لهم بنو العنقاء، وبقوم من بني ضاطر، فقتلوا منهم عبدا وعوفا وأقرم وغبشان، فقال ابن الأحبّ العدواني يفخر بذلك:

  غداة التقينا بالمحصّب من منى ... فلاقت بنو العنقاء إحدى العظائم

  تركنا بها عوفا وعبدا وأقرما ... وغبشان سؤرا للنّسور القشاعم⁣(⁣٢)

  أجاب قيس على ابن الأحب وغيره بأنه فخر بيوم لم يكن لهم

  فأجابه قيس بن الحدادية، فقال يعيّره أن فخر بيوم ليس لقومه:

  فخرت بيوم لم يكن لك فخره ... أحاديث طسم إنما أنت حالم⁣(⁣٣)

  تفاخر قوما أطردتك رماحهم ... أكعب بن عمرو: هل يجاب البهائم⁣(⁣٤)

  فلو شهدت أمّ الصبيّين حملنا ... وركضهم لابيضّ منها المقادم

  غداة تولَّيتم وأدبر جمعكم ... وأبنا بأسراكم كأنّا ضراغم⁣(⁣٥)

  مدح أسد بن كرز لحمايته له، وقال شعرا في ذلك

  قال أبو عمرو: وكان ابن الحدادية أصاب دما في قوم من خزاعة هو وناس من أهل بيته، فهربوا فنزلوا في فراس بن غنم، ثم لم يلبثوا أن أصابوا أيضا منهم رجلا، فهربوا فنزلوا في بجيلة على أسد بن كرز، فآواهم وأحسن إلى قيس وتحمّل عنهم ما أصابوا في خزاعة / وفي فراس، فقال قيس بن الحدادية يمدح أسد بن كرز:

  لا تعذلينى سلمى اليوم وانتظري ... أن يجمع اللَّه شملا طالما افترقا

  إن شتّت الدهر شملا بين جيرتكم ... فطال في نعمة يا سلم ما اتفقا

  وقد حللنا بقسريّ أخي ثقة ... كالبدر يجلو دجى الظلماء والأفقا

  لا يجبر الناس شيئا هاضه أسد ... يوما ولا يرتقون الدهر ما فتقا⁣(⁣٦)

  كم من ثناء عظيم قد تداركه ... وقد تفاقم فيه الأمر وانخرقا

  قال أبو عمرو: وهذه الأبيات من رواية أصحابنا الكوفيّين، وغيرهم يزعم أنها مصنوعة، صنعها حمّاد الراوية لخالد القسريّ⁣(⁣٧) في أيام ولايته، وأنشده إيّاها فوصله، والتوليد بيّن فيها جدّا.


(١) المحصب: موضع رمي الجمار بمنى.

(٢) السؤر: البقية والفضلة، والقشاعم: جمع قشعم كجعفر، وهو من النسور: المسن الضخم.

(٣) طسم: قبيلة من عاد انقرضوا. ومن أمثال العرب: «أحاديث طسم وأحلامها» يضرب لمن يخبرك بما لا أصل له.

(٤) أطرده: صيره طريدا.

(٥) ضراغم: جمع ضرغم كجعفر وهو الأسد.

(٦) هاض الشيء: كسره.

(٧) هو خالد بن عبد اللَّه بن يزيد بن أسد بن كرز البجلي ثم القسري، ولاه الوليد بن عبد الملك مكة سنة ٨٩، وولي العراقين في عهد =