أخبار قيس بن الحدادية ونسبه
  شعره في غارة ضريس على بني ضاطر
  وقال أبو عمرو: غزا الضّريس القشيريّ بني ضاطر في جماعة من قومه، فثبتوا(١) له وقاتلوه حتى هزموه، وانصرف ولم يفز بشيء من أموالهم، فقال قيس بن الحدادية في ذلك:
  فدى لبني قيس وأفناء مالك ... لدى الشّسع من رجلي إلى الفرق صاعدا(٢)
  غداة أتى قوم الضريس كأنهم ... قطا الكدر من ودّان أصبح واردا(٣)
  / فلم أر جمعا كان أكرم غالبا ... وأحمى غلاما يوم ذلك أطردا(٤)
  رميناهم بالحوّ والكمت والقنا ... وبيض خفاف يختلين السواعدا(٥)
  مدحه بني عديّ بن عمرو من خزاعة
  قال أبو عمرو: ولما خلعت خزاعة قيسا، تحوّل عن قومه، ونزل عند بطن من خزاعة، يقال لهم بنو عدي بن عمرو بن خالد، فآووه وأحسنوا إليه، وقال يمدحهم:
  جزى اللَّه خيرا عن خليع مطرّد ... رجالا حموه آل عمرو بن خالد
  فليس كمن يغزو الصديق بنوكه ... وهمته في الغزو كسب المزاود(٦)
  عليكم بعرصات الديار فإنني ... سواكم عديد حين تبلى مشاهدي(٧)
  ألا وذتم حتى إذا ما أمنتم ... تعاورتم سجعا كسجع الهداهد(٨)
  تجنّى عليّ المازنان كلاهما ... فلا أنا بالمغصي ولا بالمساعد(٩)
  وقد حدبت عمرو عليّ بعزّها ... وأبنائها من كل أروع ماجد(١٠)
  / مصاليت يوم الرّوع كسبهم العلا ... عظام مقيل الهام شعر السواعد(١١)
= هشام بن عبد الملك، وتوفى سنة ١٢٦ هـ.
(١) في الأصول «فثنوا» وهو تحريف.
(٢) في الأصول «وأقباء» وفي س «إلى الفراق» وهو تحريف. والشسع: أحد سيور النعل. والفرق: موضع المفرق من الرأس أي وسطه الَّذي يفرق فيه الشعر.
(٣) الكدر: موضع قرب المدينة؛ والكدري: ضرب من القطا. وودّان: قرية بين مكة والمدينة قريبة من الجحفة.
(٤) كذا في الأصول وفي البيت سناد التأسيس، وهو عيب من عيوب القافية، ولعلها «طاردا».
(٥) الحو جمع أحوى وحواء وصف من الحوّة: وهي حمرة إلى السواد، والكميت من الخيل يستوي فيه المذكر والمؤنث، وصف من الكمنة، وهي لون بين السواد والحمرة، وجمعه كمت. يختلين السواعد: يقطعن ويذهبن بسواعد المضروبين بها.
(٦) فليس كمن يغزو: أي فليس هذا الحي كمن يغزو. والنوك بالفتح والضم: الحمق، والمزاود: جمع مزود كمنبر، وهو وعاء الزاد.
(٧) يخاطب في هذا البيت وما بعده قومه. والعرصة: كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء، والجمع عرصات بفتح الراء، وسكنت في البيت للضرورة. عديد: معدود. تبلى: تختبر. مشاهد جمع مشهد، أي شهودي القتال وخوضي غماره، وفي الأصول «ببلى مساهد» وهو تحريف.
(٨) لاوذ: استتر، وتعاوروه: تداولوه، وسجعت الحمامة: طرّبت في صوتها ووالته على طريق واحد.
(٩) في ج «تحنى» أي عطف، وفي ب، وس «تجنى»، وتجنى عليه: ادعى ذنبا لم يفعله.
(١٠) حدب عليه كفرح: عطف. والأروع: من يعجبك بحسنه وجهارة منظره أو بشجاعته.
(١١) مصاليت: جمع مصلات، وهو الماضي في الأمور،. الهام: الرؤوس، جمع هامة، ومقيل الهامة: مستقر الرأس أي العنق، يقول: