كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار قيس بن الحدادية ونسبه

صفحة 354 - الجزء 14

  أولئك إخواني وجلّ عشيرتي ... وثروتهم والنصر غير المحارد⁣(⁣١)

  مدحه عديّ بن نوفل

  أخبرني أحمد بن سليمان الطوسي، والحرمي بن أبي العلاء قالا: حدّثنا الزبير بن بكار قال: أخبرني عمّي أنّ خزاعة أغارت على اليمامة⁣(⁣٢)، فلم يظفروا منها بشيء، فهزموا وأسر منهم أسرى، فلما كان أوان الحج، أخرجهم من أسرهم إلى مكة في الأشهر الحرم ليبتاعهم قومهم، فغدوا جميعا إلى الخلصاء⁣(⁣٣)، وفيهم قيس بن الحداديّة، فأخرجوهم وحملوهم، وجعلوهم في حظيرة ليحرقوهم، فمرّ بهم عديّ⁣(⁣٤) بن نوفل، فاستجاروا به، فابتاعهم وأعتقهم، فقال قيس يمدحه:

  /

  دعوت عديّا والكبول تكبني ... ألا يا عديّ يا عديّ بن نوفل⁣(⁣٥)

  دعوت عديا والمنايا شوارع ... ألا يا عديّ للأسير المكبّل⁣(⁣٦)

  فما البحر يجري بالسّفين إذا غدا ... بأجود سيبا منه في كل محفل⁣(⁣٧)

  تداركت أصحاب الحظيرة بعد ما ... أصابهم منّا حريق المحلَّل⁣(⁣٨)

  وأتبعت بين المشعرين سقاية ... لحجّاج بيت اللَّه أكرم منهل

  هجرة خزاعة لجدب أصابهم وشعر له في ذلك

  قال أبو عمرو: وكان قيس بن الحدادية يهوى أمّ مالك بنت ذؤيب الخزاعيّ، وكانت بطون من خزاعة خرجوا جالين إلى مصر والشام لأنهم أجدبوا، حتى إذا كانوا ببعض الطريق، رأوا البوارق خلفهم، وأدركهم من ذكر لهم كثرة الغيث والمطر وغزارته، فرجع عمرو بن عبد مناة في ناس كثير إلى أوطانهم، وتقدّم قبيصة بن ذؤيب ومعه أخته أم مالك، واسمها نعم بنت ذؤيب، فمضى، فقال قيس بن الحدادية هذه القصيدة الَّتي فيها الغناء المذكور:

  أجدّك إن نعم نأت أنت جازع ... قد اقتربت لو أن ذلك نافع

  قد اقتربت لو أن في قرب دارها ... نوالا، ولكن كلّ من ضنّ مانع

  وقد جاورتنا في شهور كثيرة ... فما نوّلت، واللَّه راء وسامع

  فإن تلقين نعمى هديت فحيّها ... وسل كيف ترعى بالمغيب الودائع⁣(⁣٩)


= إنهم غلاظ الأعناق وهو كناية عن قوة البأس. شعر: جمع أشعر، وهو كثير الشعر طويله.

(١) الثروة: كثرة العدد بين الناس. والمال غير المحارد، أي غير المنقطع، وأصله من حاردت الإبل حرادا: انقطعت ألبانها أو قلت.

(٢) اليمامة: صقع شرقي الحجاز ويعد من نجد.

(٣) في ب، س «الحلقاء» وفي ج «الخلفا» وهو تحريف. والخلصاء: بلد بالدهناء، والدهناء: من ديار بني تميم بنجد.

(٤) هو عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة.

(٥) الكبول: جمع كبل بالفتح، وهو أعظم ما يكون من الأقياد. وكبه: قلبه وصرعه.

(٦) شوارع: جمع شارعة، أي مسددة، من شرعت الرماح أي تسدّدت.

(٧) السيب: العطاء.

(٨) المحلل: أي من حلل إحراقنا في الأشهر الحرم.

(٩) فإن تلقين: مؤكد بنون التوكيد الخفيفة. وفي الأصول «فإن تلقيا».