أخبار علي بن الخليل
  الضبيّ عن عليّ بن يزيد قال، ولد ليزيد(١) بن مزيد ابن، فأتاه عليّ بن الخليل، فقال: اسمع أيها الأمير تهنئة بالفارس الوارد، فتبسّم وقال: هات، فأنشده:
  يزيد يا بن الصّيد من وائل ... أهل الرياسات وأهل المعال(٢)
  / يا خير من أنجبه(٣) والد ... ليهنك الفارس ليث النزال
  جاءت به غرّاء ميمونة ... والسعد يبدو في طلوع الهلال
  عليه من معن ومن وائل ... سيما تباشير وسيما جلال(٤)
  واللَّه يبقيه لنا سيّدا ... مدافعا عنّا صروف الليال
  حتى نراه قد علا منبرا ... وفاض في سؤّاله بالنوال
  وسدّ ثغرا فكفى شرّه ... وقارع الأبطال تحت العوال(٥)
  كما كفانا ذاك آباؤه ... فيحتذي أفعالهم عن مثال
  فأمر له عن كل بيت بألف دينار.
  المهدي يذكره بشعره في الخمر
  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمار قال: حدّثني ابن مهرويه قال: حدّثني ابن الأعرابي المنجّم الشّيباني، عن عليّ بن عمرو الأنصاري، قال: دخل علي بن الخليل على المهديّ فقال له: يا عليّ، أنت على معاقرتك الخمر وشربك لها؟ قال: لا واللَّه يا أمير المؤمنين، قال: وكيف ذاك؟ قال: تبت منها، قال: فأين قولك؟:
  أولعت نفسي بلذّتها ... ما ترى عن ذاك إقصارا
  وأين قولك؟:
  إذا ما كنت شاربها فسرّا ... ودع قول العواذل واللَّواحي(٦)
  قال: هذا شيء قلته في شبابي، وأنا القائل بعد ذلك:
  على اللَّذات والراح السلام ... تقضّى العهد وانقطع الذّمام
  مضى عهد الصّبا وخرجت منه ... كما من غمده خرج الحسام
  وقرت على المشيب فليس منّي ... وصال الغانيات ولا المدام(٧)
(١) ابن أخي معن بن زائدة الشيباني. وكان يزيد بن مزيد أميرا شجاعا، وكان واليا لأرمينية ثم عزله عنها الرشيد سنة ١٧٢، ثم ولاه إياها وضم إليه أذربيجان سنة ١٨٣، وتولى محاربة الوليد بن طريف الشيباني الخارجي وقتله سنة ١٧٩، وتوفي سنة ١٨٥ هـ («وفيات الأعيان» ٢: ٢٨٣).
(٢) الصيد: جمع أصيد، وهو الملك، ورافع رأسه كبرا، والأسد.
(٣) الَّذي في كتب اللغة: أنجب الرجل والمرأة إذا ولدا ولدا نجيبا أي كريما، ولم يرد فيها أنجب متعديا.
(٤) السيما: العلامة.
(٥) الثغر: موضع المخافة من البلدان. والعوالي: رؤوس الرماح.
(٦) اللواحي: جمع لاحية: وهي اللائمة.
(٧) وقر ككرم ووعد: رزن.