كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار علي بن الخليل

صفحة 374 - الجزء 14

  وولَّى اللهو والقينات عنّي ... كما ولَّى عن الصبح الظلام

  حلبت الدهر أشطره فعندي ... لصرف الدهر محمود وذام⁣(⁣١)

  مدحه معن بن زائدة

  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش، قال: حدّثني محمّد بن الحسن بن الحرون، عن عليّ بن عبيدة الشيباني، قال: دخل عليّ بن الخليل ذات يوم إلى معن بن زائدة / فحادثه وناشده، ثم قال له معن: هل لك في الطعام؟

  قال: إذا نشط الأمير، فأتيا بالطعام، فأكلا، ثم قال: هل لك في الشراب؟ قال: إن سقيتني ما أريد شربت، وإن سقيتني من شرابك فلا حاجة لي فيه، فضحك ثم قال: قد عرفت الَّذي تريد، وأنا أسقيك منه، فأتي بشراب عتيق، فلما شرب منه وطابت نفسه أنشأ يقول:

  يا صاح قد أنعمت إصباحي ... ببارد السّلسال والراح⁣(⁣٢)

  قد دارت الكأس برقراقة ... حياة أبدان وأرواح⁣(⁣٣)

  تجري على أغيد ذي رونق ... مهذّب الأخلاق جحجاح⁣(⁣٤)

  ليس بفحّاش على صاحب ... ولا على الراح بفضّاح

  تسرّه الكأس إذا أقبلت ... بريح أترجّ وتفّاح⁣(⁣٥)

  / يسعى بها أزهر في قرطق ... مقلَّد الجيد بأوضاح⁣(⁣٦)

  كأنها الزّهرة في كفّه ... أو شعلة في ضوء مصباح

  هجاؤه لدهقان

  حدّثنا عليّ بن سليمان الأخفش قال: حدّثنا محمّد بن يزيد قال: كان لعلي بن الخليل الكوفي صديق من الدّهاقين يعاشره ويبرّه، فغاب عنه مدّة طويلة / وعاد إلى الكوفة وقد أصاب مالا ورفعة، وقويت حاله، فادعى أنه من بني تميم، فجاءه عليّ بن الخليل فلم يأذن له، ولقيه فلم يسلَّم عليه، فقال يهجوه:

  يروح بنسبة المولى ... ويصبح يدّعي العربا

  فلا هذا ولا هذا ... ك يدركه إذا طلبا

  أتيناه بشبّوط ... ترى في ظهره حدبا⁣(⁣٧)


(١) أشطره: أي أشطر الدهر. والمعنى أنه اختبر حالات الدهر: خيره وشره فعرف ما فيه، وهو مثل يضرب فيمن جرب الدهر. والذام:

الذم.

(٢) خمر سلسال: لينة.

(٣) كل شيء له بصيص وتلألؤ فهو رقراق، وأراد بالرقراقة هنا الخمر.

(٤) غيد كفرح فهو أغيد: مالت عنقه ولانت أعطافه، والجحجح والجحجاح: السيد.

(٥) في الأصول: «فسره» وهو تحريف.

(٦) القرطق (بضم القاف وفتح الطاء وقد تضم): لباس من ملابس العجم يشبه القباء، معرب كرته. والأوضاح: جمع وضح كسبب، وهو حليّ من الفضة.

(٧) الشبوط بالفتح يضم: سمك دقيق الذنب، عريض الوسط، صغير الرأس.