أخبار علي بن الخليل
  فقال: أما لبخلك من ... طعام يذهب السّغبا(١)
  فصد لأخيك يربوعا ... وضبّا واترك اللعبا(٢)
  فرشت له قريح المس ... ك والنّسرين والغربا(٣)
  فأمسك أنفه عنها ... وقام مولَّيا هربا
  يشمّ الشّيح والقيصو ... م كي يستوجب النسبا(٤)
  وقام إليه ساقينا ... بكأس تنظم الحببا(٥)
  معتّقة مروّقة ... تسلَّي همّ من شربا
  فآلى لا يسلسلها ... وقال اصبب لنا حلبا(٦)
  / وقد أبصرته دهرا ... طويلا يشتهي الأدبا
  فصار تشبّها بالقو ... م جلفا جافيا جشبا(٧)
  إذا ذكر البرير بكى ... وأبدى الشوق والطربا(٨)
  وليس ضميره في القو ... م إلَّا التّين والعنبا
  جحدت أباك نسبته ... وأرجو أن تفيد أبا
  قال عليّ بن سليمان: وأنشدني محمّد بن يزيد وأحمد بن يحيى جميعا لعلي بن الخليل في هذا الذكر، وذكر ثعلب أن إسحاق بن إبراهيم أنشد هذه الأبيات لعليّ، قال:
  يأيّها الراغب عن أصله ... ما كنت في موضع تهجين(٩)
  متى تعرّبت وكنت امرأ ... من الموالى صالح الدّين
  لو كنت إذ صرت إلى دعوة ... فزت من القوم بتمكين(١٠)
  لكفّ من وجدي، ولكنني ... أراك بين الضّبّ والنّون(١١)
(١) السغب: الجوع.
(٢) اليربوع: دويبة نحو الفأر لكن ذنبه وأذناه أطول من ذنب وأذني الفأر، ورجلاه أطول من يديه. والضب: دويبة من تشبه التمساح الصغير وذنبها كذنبه وتتلون كالحرباء.
(٣) القريح: الخالص، كالقراح. والنسرين: ورد، فارسي معرّب. والغرب: ضرب من الشجر.
(٤) القيصوم: من نبات البادية.
(٥) هذا البيت في الأصول مقدم على سابقه، وهو خطأ. يدل على ذلك سياق المعنى.
(٦) آلى: أقسم. وتسلسل الماء في الحلق: جرى، وسلسله: صب فيه. والحلب: اللبن المحلوب. وفي الأصول «زقا أصبب لنا حببا» وهو تحريف.
(٧) الجلف: الجافي، والجشب: الخشن الغليظ.
(٨) البرير: ثمر الأراك.
(٩) التهجين: التقبيح.
(١٠) الدعوة في النسب «بالكسر»: أن ينتسب الإنسان إلى غير أبيه وعشيرته.
(١١) الوجد: الحزن.