أخبار أبي الشبل ونسبه
  وكان يحبّها حبّا شديدا، فعوتب فيها، فقال:
  /
  غدت بطول الملام عاذلة ... تلومني في السواد والدّعج(١)
  ويحك كيف السلوّ عن غرر ... مفترقات الأرجاء، كالسّبج(٢)
  يحملن بين الأفخاذ أسنمة ... تحرق أوبارها من الوهج(٣)
  لا عذّب اللَّه مسلما بهم ... غيري ولا حان منهم فرجي(٤)
  فإنّني بالسواد مبتهج ... وكنت بالبيض غير مبتهج
  هجاؤه جارية لهاشمة النحوي
  حدّثني عمي قال: حدّثني أحمد بن الطيّب قال: حدّثني أبو هريرة البصري النحويّ الضرير قال: كان أبو الشبل الشاعر البرجمي يعابث قينة لهاشم النحوي يقال لها خنساء، وكانت تقول الشعر، فعبث بها يوما فأفرط حتى أغضبها، فقالت له: ليت شعري، بأيّ شيء تدلّ؟ أنا واللَّه أشعر منك، لئن شئت لأهجونّك حتى أفضحك، فأقبل عليها وقال:
  حسناء قد أفرطت علينا ... فليس منها لنا مجير
  تاهت بأشعارها علينا ... كأنّما ناكها جرير
  قال: فخجلت حتى بان ذلك عليها وأمسكت عن جوابه.
  شعره في ذم المطر
  قال عمي: قال أحمد بن الطيّب: حدّثني أبو هريرة هذا قال: حدّثني أبو الشبل أنها وعدته أن تزوره في يوم بعينه كان / مولاها غائبا فيه، فلما حضر ذلك اليوم جاء مطر منعها من الوفاء بالموعد، قال: فقلت أذمّ المطر:
  /
  دع المواعيد لا تعرض لوجهتها ... إن المواعيد مقرون بها المطر
  إن المواعيد والأعياد قد منيت ... منه بأنكد ما يمنى به بشر(٥)
  أمّا الثياب فلا يغررك إن غسلت ... صحو شديد ولا شمس ولا قمر
  وفي الشخوص له نوء وبارقة ... وإن تبيّت فذاك الفالج الذكر(٦)
  وإن هممت بأن تدعو مغنّية ... فالغيث لا شكّ مقرون به السّحر
(١) في الأصول «عذرت»، «وهو تحريف لا يستقيم به الوزن والمعنى. ولعل صوابه ما أثبتنا. والدعج: سواد العين مع سعتها.
(٢) الأرجاء: النواحي. مفترقات الأرجاء: أي لكل منهن ناحية من الحسن خاصة. السبج: خرز أسود، معرب.
(٣) الوهج: اتقاد النار.
(٤) يلاحظ أنه استعمل هنا ضمير جماعة الذكور موضع ضمير جماعة الإناث.
(٥) منيت: ابتليت.
(٦) شخص شخوصا: خرج من موضع إلى غيره. تبيته عن حاجته: حبسه عنها. والفالج: الشلل. والذكر: يعني القويّ الشديد، من قولهم: مطر ذكر أي شديد وابل، وقول ذكر أي صلب متين، وشعر ذكر أي فحل.