كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي الشبل ونسبه

صفحة 388 - الجزء 14

  وكان يحبّها حبّا شديدا، فعوتب فيها، فقال:

  /

  غدت بطول الملام عاذلة ... تلومني في السواد والدّعج⁣(⁣١)

  ويحك كيف السلوّ عن غرر ... مفترقات الأرجاء، كالسّبج⁣(⁣٢)

  يحملن بين الأفخاذ أسنمة ... تحرق أوبارها من الوهج⁣(⁣٣)

  لا عذّب اللَّه مسلما بهم ... غيري ولا حان منهم فرجي⁣(⁣٤)

  فإنّني بالسواد مبتهج ... وكنت بالبيض غير مبتهج

  هجاؤه جارية لهاشمة النحوي

  حدّثني عمي قال: حدّثني أحمد بن الطيّب قال: حدّثني أبو هريرة البصري النحويّ الضرير قال: كان أبو الشبل الشاعر البرجمي يعابث قينة لهاشم النحوي يقال لها خنساء، وكانت تقول الشعر، فعبث بها يوما فأفرط حتى أغضبها، فقالت له: ليت شعري، بأيّ شيء تدلّ؟ أنا واللَّه أشعر منك، لئن شئت لأهجونّك حتى أفضحك، فأقبل عليها وقال:

  حسناء قد أفرطت علينا ... فليس منها لنا مجير

  تاهت بأشعارها علينا ... كأنّما ناكها جرير

  قال: فخجلت حتى بان ذلك عليها وأمسكت عن جوابه.

  شعره في ذم المطر

  قال عمي: قال أحمد بن الطيّب: حدّثني أبو هريرة هذا قال: حدّثني أبو الشبل أنها وعدته أن تزوره في يوم بعينه كان / مولاها غائبا فيه، فلما حضر ذلك اليوم جاء مطر منعها من الوفاء بالموعد، قال: فقلت أذمّ المطر:

  /

  دع المواعيد لا تعرض لوجهتها ... إن المواعيد مقرون بها المطر

  إن المواعيد والأعياد قد منيت ... منه بأنكد ما يمنى به بشر⁣(⁣٥)

  أمّا الثياب فلا يغررك إن غسلت ... صحو شديد ولا شمس ولا قمر

  وفي الشخوص له نوء وبارقة ... وإن تبيّت فذاك الفالج الذكر⁣(⁣٦)

  وإن هممت بأن تدعو مغنّية ... فالغيث لا شكّ مقرون به السّحر


(١) في الأصول «عذرت»، «وهو تحريف لا يستقيم به الوزن والمعنى. ولعل صوابه ما أثبتنا. والدعج: سواد العين مع سعتها.

(٢) الأرجاء: النواحي. مفترقات الأرجاء: أي لكل منهن ناحية من الحسن خاصة. السبج: خرز أسود، معرب.

(٣) الوهج: اتقاد النار.

(٤) يلاحظ أنه استعمل هنا ضمير جماعة الذكور موضع ضمير جماعة الإناث.

(٥) منيت: ابتليت.

(٦) شخص شخوصا: خرج من موضع إلى غيره. تبيته عن حاجته: حبسه عنها. والفالج: الشلل. والذكر: يعني القويّ الشديد، من قولهم: مطر ذكر أي شديد وابل، وقول ذكر أي صلب متين، وشعر ذكر أي فحل.