أخبار عبد الله بن الزبير ونسبه
  سأشكر عمرا إن تراخت منيّتي ... أيادي لم تمنن وإن هي جلَّت(١)
  فتى غير محجوب الغنى عن صديقه ... ولا مظهر الشكوى إذا النعل زلَّت
  رأى خلَّتي من حيث يخفى مكانها ... فكانت قذى عينيه حتى تجلَّت(٢)
  مدحه أسماء بن خارجة
  أخبرني الحسين بن القاسم الكوكبيّ إجازة قال: حدّثني أحمد بن عرفة المؤدّب قال: أخبرني أبو المصبّح(٣) عادية بن المصبّح السّلولي قال: أخبرني أبي قال: كان عبد اللَّه بن الزّبير الأسديّ قد مدح أسماء(٤) بن خارجة الفزاريّ فقال:
  صوت
  تراه إذا ما جئته متهلَّلا ... كأنّك تعطيه الَّذي أنت نائله(٥)
  ولو لم يكن في كفّه غير روحه ... لجاد بها فليتّق اللَّه سائله
  فأثابه أسماء ثوابا لم يرضه، فغضب وقال يهجوه:
  بنت لكم هند بتلذيع بظرها ... دكاكين من جصّ عليها المجالس(٦)
  فو اللَّه لولا رهز هند ببظرها ... لعدّ أبوها في اللئام العوابس(٧)
  / فبلغ ذلك أسماء، فركب إليه، فاعتذر من فعله بضيقة شكاها، وأرضاه وجعل على نفسه وظيفة(٨) في كل سنة، واقتطعه جنتيه، فكان بعد ذلك يمدحه ويفضّله. وكان أسماء يقول لبنيه: واللَّه ما رأيت قط جصا في بناء ولا غيره إلَّا ذكرت بظر أمّكم هند فخجلت.
  حبسه ابن أم الحكم وشعره
(١) جاء في «وفيات الأعيان» لابن خلكان ٣: ١٤٧ طبع النهضة أن هذه الأبيات لإبراهيم بن العباس الصولي، وأن عمرا المذكور في البيت هو عمرو بن مسعدة، قال: «وكان بين عمرو بن مسعدة وبين إبراهيم بن العباس الصولي مودّة، فحصل لإبراهيم ضائقة بسبب البطالة في بعض الأوقات، فبعث له عمرو مالا، فكتب إليه إبراهيم الأبيات.
(٢) الخلة: الحاجة والفقر. والقذى: ما يقع في العين.
(٣) في الأصول: «أبو المصيح» وهو مصحف وصوابه «أبو المصبح» وهو من كنى العرب، كنى بها أعشى همدان الشاعر الأموي.
(٤) هو أسماء بن خارجة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري.
(٥) تهلل وجهه: تلألأ. نائله: آخذه. ويروى «أنت سائله» أي سائله إياه. والمعروف والمشهور أن البيت الأوّل لزهير بن أبي سلمى في مدح حصن بن حذيفة بن بدر جد أسماء من قصيدته الَّتي مطلعها:
صحا القلب عن سلمى وأقصر باطله ... وعرّى أفراس الصبا ورواحله
وأن البيت الثاني لأبي تمام في مدح المعتصم من قصيدته الَّتي مطلعها:
أجل أيها الربع الَّذي خف آهله ... لقد أدركت فيك النوى ما تحاوله
(٦) كان يحيى أبو حماد عجرد مولى لبني هند بنت أسماء بن خارجة، فولدت هند من بشر بن مروان عبد الملك بن بشر ... «يريد أن هندا بزواجها من بشر أخي الخليفة عبد الملك بن مروان رفعت من قدر أهلها وهيأت لهم مجالس الشرف والرفعة.
(٧) رهزها: حركتها عند الجماع. وفي ج «زهد» وهو تحريف. وفي هذا البيت إقواء.
(٨) الوظيفة: ما يقدّر من رزق.