كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عبد الله بن الزبير ونسبه

صفحة 407 - الجزء 14

  /

  من الليل وهنا، أو شظيّة سنبل ... أذاعت به الأرواح يذرى حصيدها⁣(⁣١)

  إذا طرفت أذرت دموعا كأنها ... نثير جمان بان عنها فريدها⁣(⁣٢)

  وبتّ كأنّ الصدر فيه ذبالة ... شبا حرّها القنديل، ذاك وقودها⁣(⁣٣)

  فقلت أناجي النفس بيني وبينها ... كذاك الليالي نحسها وسعودها

  فلا تجزعي مما ألمّ فإنني ... أرى سنة لم يبق إلَّا شريدها⁣(⁣٤)

  أتاني وعرض الشام بيني وبينها ... أحاديث والأنباء ينمي بعيدها⁣(⁣٥)

  بأنّ أبا حسان تهدم داره ... لكيز سعت فسّاقها وعبيدها⁣(⁣٦)

  جزت مضرا عنّي الجوازي بفعلها ... ولا أصبحت إلَّا بشرّ جدودها⁣(⁣٧)

  فما خيركم؟ لا سيّدا تنصرونه ... ولا خائفا إن جاء يوما طريدها⁣(⁣٨)

  / أخذلانه في كلّ يوم كريهة ... ومسألة ما إن ينادى وليدها⁣(⁣٩)

  لأمّكم الويلات أنّى أتيتم ... جماعات أقوام كثير عديدها

  فيا ليتكم من بعد خذلانكم له ... جوار على الأعناق منها عقودها

  ألم تغضبوا تبّا لكم إذ سطت بكم ... مجوس القرى في داركم ويهودها!⁣(⁣١٠)

  تركتم أبا حسّان تهدم داره ... مشيّدة أبوابها وحديدها

  يهدّمها العجليّ فيكم بشرطة ... كما نبّ في شبل التّيوس عتودها⁣(⁣١١)


(١) من الليل وهنا: متعلق بقوله: وعاودها، أو شظية: عطف على نحلة. والشظية: كل فلقة من شيء. أذاع بالشيء: ذهب به.

والأرواح: جمع ريح. ذرته الريح وأذرته: أطارته.

(٢) طرفت عينه: أصيبت بشيء فدمعت. وفي ب، س «طرقت» وهو تصحيف، أذرت العين الدمع: صبته. نثير: منثور. وفي ب وس «نفير» وهو تحريف. الجمان: اللؤلؤ. الفريد والفريدة: الجوهرة النفيسة.

(٣) الذبالة: الفتيلة، شبا النار شبوا: أوقدها كشبّها. والمعنى: زاد القنديل في حرّها بما يمدّها به من الزيت. وفي الأصول: «سنا» وهو تصحيف. ذكت النار: اشتدّ لهبها.

(٤) السنة: العام، والجدب، والقحط.

(٥) ينمي: ينتشر ويرتفع.

(٦) لكيز: قبيلة من ربيعة، وهو لكيز بن أفصى بن عبد القيس. وفي ب، س «وعتيدها» وهو تصحيف.

(٧) يقال: جزتك عني الجوازي، أي جزتك جوازي أفعالك، والجوازي: جمع جازية، وهي الجزاء، مصدر على فاعلة. جدود: جمع جد بالفتح، وهو الحظ، يدعو عليها بنحس الجدّ وتعس الحظ.

(٨) ولا خائفا، أي ولا تؤمّنون الطريد إن جاء يوما خائفا.

(٩) أخذلانه ... : أي أمذهبكم خذلانه، أو أترون خذلانه؟ ومسألة، أي وفي كل مسألة، يقال في المثل: هم في أمر لا ينادى وليده، قال ابن سيده: أصله كأنّ شدّة أصابتهم حتى كانت الأم تنسي وليدها فلا تناديه ولا تذكره مما هي فيه، ثم صار مثلا لكل شدة، وقيل: أصله من الغارة، أي تذهل الأم عن ابنها أن تناديه وتضمه، ولكنها تهرب عنه، وقيل: هو أمر جليل شديد لا ينادى فيه الوليد ولكن تنادى فيه الجلة، وقيل يقال في الخير والشر، أي اشتغلوا به حتى لو مدّ الوليد يده إلى أعز الأشياء لا ينادى عليه زجرا.

(١٠) تبا لكم، أي ألزمكم اللَّه هلاكا وخسرانا.

(١١) نب التيس: صاح عند الهياج. العتود من أولاد المعز: ما رعى وقوى وأتى عليه حول. وكتب أمام البيت في نسخة ط ما نصه: يريد عمرو بن سعيد بن العاص كان والي العراق وهدم دار أسماء.