أخبار عبد الله بن الزبير ونسبه
  ستعلم - إن جالت بك الحرب جولة ... إذا فوّق الرامون - أسهم من تغني(١)
  فأصبحت الأرحام حين وليتها ... بكفّيك أكراشا تجرّ على دمن(٢)
  عقدتم لعمرو عقدة وغدرتم ... بأبيض كالمصباح في ليلة الدّجن(٣)
  وكبّلته حولا يجود بنفسه ... تنوء به في ساقه حلق اللَّبن(٤)
  فما قال عمرو إذ يجود بنفسه ... لضاربه - حتى قضى نحبه -: دعني(٥)
  تحدّث من لاقيت أنك عائذ ... وصرّعت قتلى بين زمزم والرّكن(٦)
  / جعلتم لضرب الظَّهر منه عصيّكم ... تراوحه، والأصبحيّة للبطن(٧)
  تعذّر منه الآن لمّا قتلته ... تفاوت أرجاء القليب من الشّطن(٨)
  فلم أر وفدا كان للغدر عاقدا ... كوفدك شدّوا غير موف ولا مسني(٩)
  وكنت كذات الفسق لم تدر ما حوت ... تخيّر حاليها أتسرق أم تزني(١٠)
  جزى اللَّه عني خالدا شرّ ما جزى ... وعروة شرّا، من خليل، ومن خدن(١١)
  قتلتم أخاكم بالسّياط سفاهة ... فيا لك للرأي المضلَّل والأفن(١٢)
  فلو أنكم أجهزتم إذ قتلتم! ... ولكن قتلتم بالسّياط وبالسّجن
(١) الفوق بالضم: موضع الوتر من السهم؛ وفوّق السهم: جعل له فوقا. تغني: تنفع، يقال: ما يغني عنك هذا: ما يجزئ عنك، وما ينفعك، وفي ج وب «تعني» بالعين وهو صحيح، جاء في «اللسان»: «قال أبو تراب: يقال: ما أعني شيئا وما أغني شيئا بمعنى واحد، وفي» المصباح المنير «:» وحكى الأزهري ما أغنى فلان شيئا بالغين والعين أي لم ينفع في مهم ولم يكف مؤنة. وأسهم:
مبتدأ ومن: اسم استفهام مضاف إليه، وجملة تغني خبره.
(٢) أكراش: جمع كرش كحمل وكتف. والدمن: السرقين المتلبد والبعر.
(٣) الدجن: إلباس الغيم الأرض.
(٤) ناء به الحمل: أثقله وأماله. حلق بفتح الحاء وكسرها: جمع حلقة بسكون اللام وفتحها. «اللبن» بالفتح: الضرب الشديد، وفي «معاهد التنصيص» «البين» وهو الفراق.
(٥) قضى نحبه: مات، وأصله الوفاء بالنذر.
(٦) كان عبد اللَّه بن الزبير يدعى «العائذ» لأنه عاذ بالبيت الحرام، ففي ذلك يقول ابن قيس الرقيات بذكر مصعبا:
بلد تأمن الحمامة فيه ... حيث عاذ الخليفة المظلوم
«الكامل» للمبرد ٢: ٥٩٧ طبع أوروبا.
(٧) تراوحه: تتعاقب عليه. والأصبحيّ: السوط، نسبة إلى ذي أصبح ملك من ملوك حمير.
(٨) المعذر: الَّذي يتكلف العذر وهو لا عذر له. تفاوت الشيئان: تباعد ما بينهما. والأرجاء: النواحي. والقليب: البئر. الشطن كسبب: الحبل الطويل الشديد الفتل يستقى به، وسكنت الطاء. هنا للشعر.
(٩) في ج وب وس «موق» وهو تحريف، وصوابه عن ط: أي غير موفين، أفرد موف مراعاة للفظ «وفد». وأسناه: رفعه.
(١٠) ما حوت: أي من المكاسب والمنافع، وفي ط، مط: «ما حلت» ولعله «ما جنت».
(١١) الخدن: الصديق. وخالد وعروة: أخوا عبد اللَّه بن الزبير، وقد استعمل عبد اللَّه أخاه خالدا على اليمن، وكان عروة من كبار فقهاء المدينة، وكان عمرو قد خالف أخاه عبد اللَّه فقاتله، ثم أتاه في جوار عبيدة أخيه، قال له عبيدة: امض معي إليه وأنت في جواري، فإن أمّنك وإلا رددتك إلى مأمنك، فذهب معه فلم يجز عبد اللَّه أمانه، واقتص منه حتى مات. أنظر «المعارف» لابن قتيبة ص ١١٣ طبع أروبة.
(١٢) الأفن ويحرك: ضعف العقل والرأي.