أخبار عبد الله بن الزبير ونسبه
  وإني لأرجو أن أرى فيك ما ترى ... به من عقاب اللَّه ما دونه يغني(١)
  قطعت من الأرحام ما كان واشجا ... على الشّيب، وابتعت المخافة بالأمن(٢)
  / وأصبحت تسعى قاسطا بكتيبة ... تهدّم ما حول الحطيم ولا تبني(٣)
  فلا تجز عن من سنّة قد سننتها ... فما للدماء الدهر تهرق من حقن
  رثاؤه يعقوب بن طلحة
  أخبرني عمّي قال: حدّثني الخرّاز عن المدائني قال: قتل يعقوب بن طلحة يوم الحرّة(٤)، وكان يعقوب ابن خالة يزيد [بن معاوية](٥) فقال يزيد: يا عجبا قاتلني كل أحد حتى ابن خالتي! قال: وكان الَّذي جاء بنعيه إلى الكوفة رجل يقال له الكروّس، فقال ابن الزّبير الأسديّ يرثيه:
  لعمرك ما هذا بعيش فيبتغى ... هنئ ولا موت يريح سريع
  لعمري لقد جاء الكروّس كاظما ... على أمر سوء حين شاع فظيع
  / نعى أسرة يعقوب منهم فأقفرت ... منازلهم من رومة فبقيع(٦)
  وكلهم غيث إذا قحط الورى ... ويعقوب منهم للأنام ربيع(٧)
  وقال ابن الأعرابي: كان على ابن الزبير دين لجماعة، فلازموه ومنعوه التصرّف في حوائجه، وألحّ عليه غريم
  له من بني نهشل يقال له: ذئب، فقال ابن الزّبير
  : /
  أحابس كيد الفيل عن بطن مكَّة ... وأنت على ما شئت جمّ الفواضل(٨)
  أرحني من اللائي إذا حلّ على دينهم ... يمشّون في الدارات مشي الأرامل(٩)
  إذا دخلوا قالوا: السلام عليكم ... وغير السلام بالسلام يحاول(١٠)
(١) ما دونه يغني، أي ما قليله يجزئ ويكفي في الانتقام منك.
(٢) واشجا: متداخلا متشابكا.
(٣) قاسطا: ظالما جائرا. الحطيم: حجر الكعبة أو ما بين الركن وزمزم والمقام.
(٤) كان أهل المدينة كرهوا خلافة يزيد بن معاوية وخلعوه وحصروا من كان بها من بني أمية وأخافوهم، فوجه إليهم يزيد مسلم بن عقبة المري في جيش، فقمع فتنتهم، وأخمد ثورتهم، وكانت هذه الوقعة تسمى «وقعة الحرة»؛ لأن مسلما حاصر المدينة من جهة الحرة - موضع بظاهر المدينة - وكانت في ذي الحجة سنة ٦٣ هـ.
(٥) عن ط.
(٦) رومة: أرض بالمدينة فيها بئر رومة الَّتي ابتاعها عثمان ¥ وتصدق بها، وفي الأصول «دومة» وهو تحريف. والبقيع:
مقبرة أهل المدينة.
(٧) في هذا البيت إقواء.
(٨) كيد الفيل: أي كيد أصحاب الفيل، يشير إلى وقعة الفيل، وما كان من أبرهة الأشرم ملك اليمن حين خرج بجيشه إلى مكة على الأفيال ليهدم الكعبة فجعل اللَّه كيدهم في تضليل، وأرسل عليهم طيرا أبابيل ... والفواصل: الأيادي الجسيمة.
(٩) هذا البيت شاهد على استعمال اللائي بمعنى الذين، كقول الشاعر:
فما آباؤنا بأمنّ منه ... علينا اللاء قد مهدوا الحجورا
وهو قليل، قال ابن مالك «واللاء كالذين نزرا وقعا». والدارة: العرصة وهي ساحة الدار.
(١٠) أي يبغي من وراء التحية مأربا له. وفي هذا البيت وتاليه إقواء.