أخبار عبد الله بن الزبير ونسبه
  ألين إذا اشتدّ الغريم وألتوي ... إذا استدّ حتى يدرك الدين قابل(١)
  عرضت على «زيد» ليأخذ بعض ما ... يحاوله قبل اشتغال الشواغل(٢)
  تثاءب حتى قلت: داسع نفسه ... وأخرج أنيابا له كالمعاول(٣)
  دخوله المدينة مع عبد الرحمن بن الحكم
  وقال ابن الأعرابيّ: استجار ابن الزّبير بمروان بن الحكم وعبد اللَّه بن عامر لما هجا عبد الرحمن بن أمّ الحكم، فأجاراه وقاما بأمره، ودخل مع مروان إلى المدينة، وقال في ذلك:
  /
  أجدّي إلى مروان عدوا فقلَّصي ... وإلَّا فروحي واغتدي لابن عامر(٤)
  إلى نفر حول النبيّ بيوتهم ... مكاريم للعافي رقاق المآزر(٥)
  لهم سورة في المجد قد علمت لهم ... تذبذب باع المتعب المتقاصر(٦)
  لهم عامر البطحاء من بطن مكَّة ... ورومة تسقى بالجمال القياسر(٧)
  حبسه زفر فقال شعرا
  وقال ابن الأعرابي: عرض قوم من أهل المدراء(٨) لابن الزّبير الأسديّ في طريقه من الشام إلى الكوفة وقد نزل بقرقيسياء(٩)، فاستعدوا(١٠) عليه زفر بن الحارث الكلابيّ(١١) وقالوا: إنه أموي الهوى، وكانت قيس يومئذ زبيرية، وقرقيسياء وما والاها في يد ابن الزبير، فحبسه زفر أياما وقيّده، وكان معه رفيق من بني أميّة يقال له: / أبو الحدراء، فرحل وتركه في حبسه أياما، ثم تكلَّمت فيه جماعة من مضر، فأطلق، فقال في ذلك:
(١) الغريم: الدائن. وفي الأصول «وألتوي إذا اشتد» وهو تصحيف، إذ أنه ليس بمستساغ أن يذكر كلمة «اشتدّ» مرتين في بيت واحد، والصواب «وألتوي إذا استد» واستد: استقام، وهو المقابل لكلمة «ألتوي». قابل: أي العام القابل. وفي الأصول: «قائل».
(٢) كذا في الأصول ولعله يريد «ذئبا» المشار إليه قبل في قوله «يقال له ذئب».
(٣) داسع: فاعل من الدسع؛ وهو الدفع، دسعه كدفعه وزنا ومعنى، ودسع البعير بجرته: دفعها حتى أخرجها من جوفه إلى فيه وأفاضها.
(٤) أجدّ السير: أسرع فيه. وقلصت الناقة: شمرت واستمرت في مضيها.
(٥) مكاريم: جمع مكرم، على حد قوله تعالى: {ولَوْ أَلْقى مَعاذِيرَه ُ}. العافي: كل طالب فضل أو رزق، والمآزر: جمع مئزر بالكسر:
وهو الملحفة، ورقاق المآزر كناية عن النعيم والترف.
(٦) السورة من المجد: أثره وعلامته وارتفاعه. ذبذبه: حرّكه، فتذبذب؛ تحرك واضطرب. المتقاصر: المقصر العاجز.
(٧) البطحاء: مسيل واسع فيه دقاق الحصى. وفي الأصول «ردمة» وهو تحريف. والقيسريّ من الإبل: الضخم الشديد القويّ، وجمعه:
قياسر وقياسرة.
(٨) أهل المدراء: أهل الحضر.
(٩) بلد على الفرات.
(١٠) ستعداه عليه: استنصره.
(١١) ما مات معاوية بن يزيد اختلف الناس بالشام، فكان أول من خالف من أمراء الأجناد النعمان بن بشير الأنصاري وكان على حمص فدعا لابن الزبير، فبلغ خبره زفر بن الحرث الكلابي فدعا إلى ابن الزبير أيضا ... ودعا مروان بن الحكم إلى نفسه، ثم التقى الزبيريون، وعليهم الضحاك بن قيس الفهدي في مرج راهط بغوطة دمشق، فقتل الضحاك وانهزم جيشه، واستقام الأمر لمروان، وفر يومئذ زفر، وفي ذلك يقول:
فلم تر مني زلة قبل هذه ... فراري وتركي صاحبي من ورائيا