كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عبد الله بن الزبير ونسبه

صفحة 415 - الجزء 14

  أغاد أبو الحدراء أم متروّح؟ ... كذاك النّوى ممّا تجدّ وتمزح⁣(⁣١)

  لعمري لقد كانت بلاد عريضة ... لي الرّوح فيها عنك والمتسرّح⁣(⁣٢)

  ولكنه يدنو البغيض ويبعد ال ... حبيب وينأى في المزار وينزح⁣(⁣٣)

  إلا ليت شعري هل أتى أمّ واصل ... كبول أعضّوها بساقيّ تجرح⁣(⁣٤)

  إذا ما صرفت الكعب صاحت كأنها ... صريف خطاطيف بدلوين تمتح⁣(⁣٥)

  تبغّي أباها في الرفاق وتنثني ... وألوى به في لجّة البحر تمسح⁣(⁣٦)

  أمر تحل وفد العراق وغودرت ... تحنّ بأبواب المدينة صيدح⁣(⁣٧)

  فإنك لا تدرين فيما أصابني ... أريثك أم تعجيل سيرك أنجح⁣(⁣٨)

  أظنّ أبو الحدراء سجني تجارة ... ترجّى وما كل التجارة تربح!

  خبره مع الحجاج

  أخبرني محمّد بن عمران الصّيرفيّ قال: حدّثنا الحسن بن عليل قال: حدّثني محمّد بن معاوية / الأسديّ قال: لما قدم الحجّاج الكوفة واليا عليها صعد المنبر، فخطبهم فقال: يا أهل العراق، يا أهل الشقاق والنفاق، ومساوئ الأخلاق، إن الشيطان / قد باض وفرّخ في صدوركم، ودبّ ودرج في حجوركم، فأنتم له دين، وهو لكم قرين، {ومَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَه ُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً} ثم حثّهم على اللَّحاق بالمهلَّب⁣(⁣٩) بن أبي صفرة، وأقسم ألَّا يجد منهم أحدا اسمه في جريدة المهلَّب بعد ثالثة بالكوفة إلَّا قتله، فجاء عمير بن ضابئ البرجمي فقال: أيّها الأمير، إني شيخ لا فضل فيّ، ولي ابن شابّ جلد، فاقبله بدلا منّي، فقال له عنبسة بن سعيد بن العاص: أيها الأمير، هذا جاء إلى عثمان وهو مقتول، فرفسه وكسر ضلعين من أضلاعه، وهو يقول:

  أين تركت ضابئا يا نعثل⁣(⁣١٠)


(١) تروح: سار في الرواح، وهو العشيّ.

(٢) الروح: الراحة. والمتسرح: انفراج الضيق والغم.

(٣) نزح كمنع وضرب: بعد.

(٤) كبول: جمع كبل بالفتح والكسر، وهو القيد الضخم.

(٥) صرفت: رددت، أي حركت. صاحت أي صوّتت الكبول. صرفت البكرة صريفا. صوّتت عند الاستقاء. والخطاطيف: جمع خطاف كرمان، وهو حديدة حجناء في جانبي البكرة فيها المحور. متح الماء كمنع: نزعه.

(٦) ألوى به: ذهب به. التمسح: التمساح.

(٧) صيدح: اسم ناقة ذي الرمة، وفيها يقول: «فقلت لصيدح انتجعي بلالا» والظاهر أنه اسم ناقته هو أيضا.

(٨) الريث: الإبطاء.

(٩) وكان على قتال الخوارج الأزارقة، وذلك أن الخوارج كانوا قد مضوا إلى مكة سنة ٦٤ هـ ليمنعوا الحرم من جيش يزيد، وناصروا ابن الزبير وقاتلوا معه، ثم ناظروه فلم يرقهم ما سمعوا منه، فتفرقوا عنه، وصارت طائفة كبيرة منهم إلى البصرة، وبايعوا نافع بن الأزرق الحنفي، وسموه أمير المؤمنين، وخرج بهم إلى الأهواز - وهي كورة كبيرة في الجنوب الغربي من فارس - فغلبوا عليها وعلى ما وراءها من أرض فارس وكرمان، ونسبوا إليه فقيل لهم: الأزارقة.

(١٠) كان من قصة عمير بن ضابئ أن أباه ضابئ بن الحرث البرجمي استعار من قوم من الأنصار كلبا يدعى قرحان يصيد الظباء، فأعاروه إياه، ثم طلبوه منه، فحبسه عنهم، فنافره الأنصاريون واستعانوا عليه بقومه، فكاثروه، فانتزعوه منه وردوه على الأنصار، وكان