كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عبد الله بن الزبير ونسبه

صفحة 417 - الجزء 14

  أخبرني عيسى بن الحسين الورّاق قال: حدّثنا الزبير بن بكَّار قال: حدّثني علي بن عثّام الكلابيّ قال: دخل عبد اللَّه بن الزّبير الأسديّ على مصعب بن الزّبير بالكوفة لمّا وليها وقد مدحه، فاستأذنه الإنشاد، فلم يأذن له، وقال له: ألم تسقط السماء علينا وتمنعنا قطرها في مديحك لأسماء بن خارجة! ثم قال لبعض من حضر: أنشدها، فأنشده:

  إذا مات ابن خارجة بن حصن ... فلا مطرت على الأرض السماء

  ولا رجع الوفود بغنم جيش ... ولا حملت على الطَّهر النساء

  ليوم منك خير من أناس ... كثير حولهم نعم وشاء

  فبورك في بنيك وفي أبيهم ... إذا ذكروا ونحن لك الفداء

  فالتفت إليه مصعب وقال له: اذهب إلى أسماء، فما لك عندنا شيء، فانصرف، وبلغ ذلك أسماء، فعوّضه حتى أرضاه، ثم عوّضه مصعب بعد ذلك، وخصّ به، وسمع مديحه، وأحسن عليه ثوابه.

  مدحه لبشر بن مروان

  قال ابن الأعرابي: لما ولي بشر بن مروان الكوفة أدنى عبد اللَّه بن الزّبير الأسديّ وبرّه وخصّه بأنسه، لعلمه بهواه في بني أميّة، فقال يمدحه:

  /

  ألم ترني⁣(⁣١) والحمد للَّه أنني ... برئت وداواني بمعروفه بشر

  رعى ما رعى مروان منّي قبله ... فصحّت⁣(⁣٢) له مني النصيحة والشكر

  ففي كلّ عام عاشه الدهر صالحا ... عليّ لربّ العالمين له⁣(⁣٣) نذر

  إذا ما أبو مروان خلَّى مكانه ... فلا تهنأ الدنيا ولا يرسل القطر

  / ولا يهنئ الناس الولادة بينهم ... ولا يبق فوق الأرض من أهلها شفر⁣(⁣٤)

  فليس البحور بالتي تخبرونني ... ولكن أبو مروان بشر هو البحر

  وقال فيه أيضا فذكر أمّه قطبة بنت بشر بن مالك ملاعب الأسنّة:

  جاءت به عجز مقابلة ... ما هن من جرم ومن عكل⁣(⁣٥)

  يا بشر يا بن الجعفريّة ما ... خلق الإله يديك للبخل


(١) رواية ط، مط «ألم تريا».

(٢) في ط، مط «فحقت».

(٣) في ط، مط «به».

(٤) في ج وب «فوق الدهر» وفي ب «سفر» وفي س «ولم يبق» وهو تحريف يقال: هنأني الأمر وهنأ لي يهنأ ويهنئ ويهنؤ: سرني، شفر: أحد، يقال: ما بالدار شفر بالفتح والضم: أي أحد.

(٥) عجز: جمع عجوز. المقابل: الكريم النسب من كلا طرفيه أبيه وأمه. جرم: بطنان من عرب اليمن، بطن في قضاعة وهي بنو جرم بن زبان (كشدّاد) وبطن في طيئ وهم بنو ثعلبة بن عمرو بن الغوث بن طيئ، وعكل: قبيلة فيهم غباوة وقلة فهم، ولذلك يقال لكل من فيه غباوة ويستحمق: عكليّ.