أخبار عبد الله بن الزبير ونسبه
  أنت ابن سادات لأجمعهم ... وفي بطن مكَّة عزّة الأصل
  بحر من الأعياص جدن به ... في مغرس للجود والفضل(١)
  متهلل تندى يداه إذا ... ضنّ السحاب بوابل سجل(٢)
  خروجه مع الحجاج
  أخبرني عمي قال: حدّثنا الكراني قال: حدّثنا العمري، عن الهيثم [بن عديّ](٣) عن عبد اللَّه بن عيّاش قال:
  أخبرني مشيخة من بني أسد أن ابن الزّبير الأسديّ لمّا قفل من قتال الأزارقة صوّب(٤) بعث إلى الرّي، قال: فكنت فيه، وخرج الحجّاج إلى القنطرة يعني قنطرة الكوفة الَّتي بزبارة(٥) ليعرض الجيش، فعرضهم، وجعل يسأل عن رجل رجل من هو؟ فمر به ابن الزّبير، فسأله من هو؟ فأخبره، فقال أنت الَّذي تقول:
  تخيّر فإما أن تزور ابن ضابئ ... عميرا، وإما أن تزور المهلَّبا
  قال: بلى، أنا الَّذي أقول:
  ألم تر أنّي قد أخذت جعيلة ... وكنت كمن قاد الجنيب فأسمحا(٦)
  فقال له الحجّاج: ذلك خير لك، فقال:
  وأوقدت الأعداء يا ميّ فاعلمي ... بكلّ شرى نارا فلم أر مجمحا(٧)
  / فقال له الحجّاج: قد كان بعض ذلك، فقال:
  ولا يعدم الدّاعي إلى الخير تابعا ... ولا يعدم الداعي إلى الشرّ مجدحا(٨)
  فقال له الحجّاج: إن ذلك كذلك، فامض إلى بعثك، فمضى إلى بعثه فمات بالري.
(١) الأعياص من قريش: أولاد أمية بن عبد شمس الأكبر، وهم أربعة: العاص، وأبو العاص والعيص، وأبو العيص؛ وبشر هو بشر بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس.
(٢) في الأصول عدا ط «كماضن» وهو تحريف. تهلل الوجه: تلألأ، بوابل سجل، أي ذي سجل، سجلت الماء سجلا: صببته صبا متصلا. وفي ب، ج؛
«يبدي نداء»
(٣) عن ط، مط.
(٤) صوب، أي أرسل، من صوبت الفرس: إذا أرسلته في الجري. والري: مدينة بفارس.
(٥) جاء في «معجم البلدان» «زبارا: موضع، أظنه من نواحي الكوفة»؛ وقد ذكر غير مضبوط وفي آخره ألف.
(٦) الجعيلة: ما جعل لك على عملك، وجنبه كنصره: قاده إلى جنبه، فهو جنيب، وفي مط «الحبيب» وهو تصحيف. وأسمحت الدابة: لانت وانقادت بعد استصعاب.
يذكره الحجاج بأنه القائل: تخير ... الأبيات أي أنه لا مناص لك من إحدى اثنتين: إما أن تقاتل مع المهلب، وإما أن تقتل كابن صابئ - وفيها يقول:
فما إن أرى الحجاج يغمد سيفه ... يد الدهر حتى يترك الطفل أشيبا
فيجيبه بقوله أنا الَّذي أقول ... أي أني نفذت ما أمرتنا به فأخذت جعيلتي (أي عطائي) وسرت لقتال الأزارقة مع المهلب، وكان الحجّاج قد توعدهم في خطبته بقوله: «وإن أمير المؤمنين أمرني بإعطائكم أعطياتكم وأن أوجهكم لمحاربة عدوكم مع المهلب بن أبي صفرة، وإني أقسم باللَّه لا أجد رجلا تخلف بعد أخذ عطائه بثلاثة أيام إلا ضربت عنقه».
(٧) الشرى: الطريق والناحية. مجمحا يريد مفرا ومهربا من لقائهم. وفي ج «مجحا» وهو تحريف.
(٨) جدح السويق وغيره: لته. والمجدح: ما يجدح به، وهو خشبة في رأسها خشبتان معترضتان، والمعنى: لا يعدم محركا ومجيبا له.