أخبار كعب الأشقري ونسبه
  مروان: يا معشر الشعراء، تشبّهوننا بالأسد الأبخر، والجبل الوعر، والملح الأجاج؟ ألا قلتم كما قال كعب الأشقريّ في المهلب وولده:
  لقد خاب أقوام سروا ظلم الدّجى ... يؤمّون عمرا ذا الشعير وذا البرّ
  يؤمّون من نال الغنى بعد شيبه ... وقاسى وليدا ما يقاسي ذو والفقر
  / فقل للجيم يا لبكر بن وائل ... مقالة من يلحى أخاه ومن يزري(١)
  فلو كنتم حيّا صميما نفيتم ... بخيلكم بالرّغم منه وبالصّغر(٢)
  ولكنكم يا آل بكر بن وائل ... يسودكم من كان في المال ذا وفر
  هو المانع الكلب النّباح وضيفه ... خميص الحشا يرعى النجوم الَّتي تسري(٣)
  هجاؤه لأخيه وخبر ذلك
  قال: وكان بين كعب وبين ابن أخيه هذا(٤) تباعد وعداوة، وكانت أمّه سوداء فقال يهجوه:
  إنّ السواد الَّذي سربلت تعرفه ... ميراث جدّك عن آبائه النّوب(٥)
  أشبهت خالك خال اللؤم مؤتسيا ... بهديه سالكا في شرّ أسلوب(٦)
  مقتله
  قال المدائنيّ في خبره: وكان ابن أخي كعب هذا عدوّا له يسعى عليه، فلما سأل مجزأة بن زياد بن المهلب أباه في كعب فخلَّاه، دسّ إليه زياد بن المهلَّب ابن أخيه الشاعر، وجعل له مالا على قتله، فجاءه يوما وهو نائم تحت شجرة، فضرب رأسه بفأس فقتله، وذلك في فتنة يزيد بن المهلَّب وهو بعمان يومئذ، وكان لكعب أخ غير أخيه الَّذي قتله ابنه، فلما قتل يزيد بن المهلَّب فرّق مسلمة بن عبد الملك أعماله على(٧) عمّال شتّى فولَّي البصرة وعمان عبد الرحمن بن سليمان الكلبيّ، فاستخلف عبد الرحمن على عمان محمّد بن جابر الراسبيّ، فأخذ أخو كعب الباقي ابن أخيه الَّذي / قتل كعبا، فقدّمه إلى محمّد بن جابر، وطلب القود(٨) منه بكعب، فقيل له: قتل أخوك بالأمس، وتقتل قاتله وهو ابن أخيك اليوم! وقد مضى أخوك وانقضى، فتبقى فردا كقرن الأعضب(٩)! فقال:
  نعم إن أخي كعبا كان سيّدنا وعظيمنا ووجهنا، فقتله هذا، وليس فيه خير، ولا في بقائه عزّ، ولا هو خلف من كعب فأنا أقتله به، فلا خير في بقائه بعد كعب، فقدّمه محمّد بن جابر فضرب عنقه واللَّه أعلم.
(١) يلحي: يلوم. زرى عليه: عابه.
(٢) الصغر والصغار: الذل.
(٣) خميص الحشا: ضامر البطن.
(٤) الإشارة إلى ابن أخيه الَّذي قتله.
(٥) النوب: سكان بلاد النوبة جنوبي مصر، واحده نوبيّ.
(٦) ائتسى به: جعله أسوة وقدوة. والأسلوب: الطريق.
(٧) في ط، مط: «عماله على أعمال».
(٨) القود: القصاص وقتل القاتل بدل القتيل.
(٩) الأعضب: المكسور أحد قرنيه.