كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار حماد عجرد ونسبه

صفحة 469 - الجزء 14

  يا بن نهيا برئت منك إلى اللَّا ... هـ جهارا، وذاك منّي قليل

  قال: فأشاع حمّاد هذه الأبيات لبشّار في الناس، وجعل فيها مكان «فإنّي بواحد مشغول»: «فإنّي عن واحد مشغول» ليصحّح عليه الزندقة والكفر باللَّه تعالى، فما زالت الأبيات تدور في / أيدي الناس حتى انتهت إلى بشّار، فاضطرب منها وتغيّر وجزع وقال: أشاط ابن الزانية بدمي⁣(⁣١)، واللَّه ما قلت إلَّا «فإنّي بواحد مشغول» فغيّرها حتى شهرني في الناس [بما يهلكني]⁣(⁣٢).

  هجاء بشار له

  أخبرني محمّد بن العبّاس اليزيديّ قال: حدّثنا سليمان بن أبي شيخ قال: حدّثني صالح بن سليمان الخثعميّ قال: قيل [لعبد اللَّه بن ياسين]⁣(⁣٣): إن بشارا المرعّث⁣(⁣٤) / هجا حمّادا فنّبطه، فقال عبد اللَّه: [قد]⁣(⁣٥) رأيت جدّ حمّاد، وكان يسمّى كليبا، وكانت صناعته صناعة لا يكون فيها نبطيّ، كان يبري النّبال ويريشها، وكان يقال له:

  كليب النّبّال، مولى بني عامر بن صعصعة.

  هجاء بشار له ولصديقه سليم

  أخبرني أحمد بن العبّاس العسكريّ المؤدّب، قال: حدّثنا الحسن بن عليل العنزيّ قال: حدّثني أحمد بن خلَّاد قال: كان بشّار صديقا لسليم بن سالم مولى بني سعد، وكان المنصور أيّام استتر بالبصرة نزل على سليم بن سالم، فولَّاه أبو جعفر حين أفضى الأمر إليه السّوس وجنديسابور، فانضمّ إليه حمّاد عجرد، فأفسده على بشّار، وكان له صديقا، فقال بشّار يهجوهما:

  أمسى سليم بأرض السّوس مرتفقا ... في خزّها بعد غربال وأمداد⁣(⁣٦)

  ليس النعيم وإن كنّا نزنّ به ... إلَّا نعيم سليم ثمّ حمّاد⁣(⁣٧)

  نيكا وناكا ولم يشعر بذا أحد ... في غفلة من نبيّ الرحمة الهادي

  فنشب الشرّ بين حمّاد وبشّار.

  دخل بينه وبين بشار رجل بصري

  أخبرني عمّي قال: حدّثنا محمّد بن القاسم بن مهرويه، عن عمر بن شبّة، عن أبي أيّوب الزبالى⁣(⁣٨)، قال:


(١) يقال: أشاط دمه وبدمه: أذهبه، أو عمل في هلاكه، أو عرّضه للقتل.

(٢) ما بين القوسين من «ها».

(٣) في الأصول «قيل له» وما أثبتناه عن «مختار الأغاني» ص ٤١٥.

(٤) كان بشار بن برد يلقب بالمرعّث، لرعاث كانت له في صغره في أذنه؛ ورعاث بالكسر: جمع رعثة بالفتح، وهو ما علق بالأذن من قرط ونحوه. وفي ب، س «المرغث» وهو تصحيف.

(٥) سقطت من ب، س. وهي عن باقي الأصول.

(٦) في ب وس «مرتفعا» وهو تحريف، والصواب ما أثبتنا كما في ج، ط، مط، ها. وارتفق: اتّكأ على مرفقة: وهي المتكأ والمحدة، يكنى بذلك عن أنه صار منعما مترفا بعد أن كان ممتهنا. أمداد، جمع مدّ بالضم، وهو مكيال، ويفهم من هذا أنه كان قبل الولاية كيّالا.

(٧) أزننته بكذا: اتهمته به.

(٨) في ب وس «الذبالي»؛ والتصويب عن باقي الأصول.