أخبار حماد عجرد ونسبه
  / وقال يهجوه:
  أنت إنسان تسمّى ... داره دار الزّواني
  قد جرى ذلك بالكر ... خ على كلّ لسان(١)
  لك في دار حر يز ... ني وفي دار حران(٢)
  وقال فيه:
  تفرح إن نيكت، وإن لم تنك ... بتّ حزين القلب مستعبرا(٣)
  أسكرك القوم فساهلتهم ... وكنت سهلا قبل أن تسكرا(٤)
  وقال فيه:
  قل للشقيّ الجدّ غير الأسعد ... أتحبّ أنّك فقحة ابن المقعد؟(٥)
  لو لم يجد شيئا يسكَّنها به ... يوما لسكَّنها بزبّ المسجد
  وقال فيه:
  أبا عون لقد صفّ ... ر زوّارك أذنيكا؟
  وعيناك ترى ذاك ... فأعمى اللَّه عينيكا
  هجا بشارا ببيت من الشعر
  أخبرني حبيب بن نصر المهلَّبي قال: حدّثنا عمر بن شبّة قال: لما قال حمّاد عجرد في بشّار:
  نسبت إلى برد وأنت لغيره ... وهبك لبرد نكت أمّك من برد؟
  قال بشّار: تهيّأ له عليّ في هذا البيت خمسة معان من الهجاء، قوله «نسبت إلى برد» معنى؛ ثم قوله: «وأنت لغيره» معنى آخر، ثم قوله: «فهبك لبرد» معنى ثالث، وقوله: «نكت أمّك» شتم مفرد، واستخفاف مجدّد، وهو معنى رابع، ثم ختمها بقوله: من برد؟ ولقد طلب جرير في هجائه للفرزدق تكثير المعاني، ونحا هذا النحو، فما تهيّأ له أكثر من ثلاثة معان في بيت، وهو قوله:
  لمّا وضعت على الفرزدق ميسمي ... وضغا البعيث جدعت أنف الأخطل(٦)
(١) الكرخ: محلة ببغداد.
(٢) في ج، ط، مط، مب «خوان» وفي ب، س «حوان» وهو تحريف. والتصويب عن «ها».
(٣) استعبر: بكى.
(٤) ساهله: ياسره.
(٥) الفقحة: حلقة الدبر.
(٦) قبل هذا البيت:
أعددت للشعراء سما ناقعا ... فسقيت آخرهم بكأس الأوّل
والميسم: المكواة، يريد به أهاجيه الَّتي يكويه بها. وضغا ضغوا: استخذى، وضغا: صاح وضجّ، وضغا السنور والكلب: صوّت وصاح، ثم كثر حتى قيل للإنسان إذا ضرب فاستغاث. وفي ج «وضعا» وفي «مختار الأغاني» «وصعا»، وفي ب، س «وضع البعيث». والتصويب عن ط، مط، مب، ها.