أخبار حماد عجرد ونسبه
  حرا كان للعزّاب سهلا ولم يكن ... أبيّا على ذي الزوجة المتودّد
  أصيب زناة القوم لمّا توجّهت ... به أمّ حمّاد إلى المضجع الرّدي(١)
  لقد كان للأدنى وللجار والعدا ... وللقاعد المعترّ والمتزيّد(٢)
  راوية بشار ينشده شعرا لحماد
  أخبرنا محمّد بن الحسن بن دريد قال: حدّثنا أبو حاتم قال: قال يحيى بن الجون العبديّ راوية بشّار:
  [أنشدت بشّارا](٣) يوما قول حمّاد:
  ألا قل لعبد اللَّه إنّك واحد ... ومثلك في هذا الزمان كثير
  قطعت إخائي ظالما وهجرتني ... وليس أخي من في الإخاء يجور
  أديم لأهل الودّ ودّي، وإنّني ... لمن رام هجري ظالما لهجور
  ولو أن بعضي رابني لقطعته ... وإنّي بقطع الرائبين جدير
  فلا تحسبن منحي لك الودّ خالصا ... لعزّ ولا أنّي إليك فقير
  ودونك حظَّي منك لست أريده ... طوال اللَّيالي ما أقام ثبير(٤)
  / فقال بشّار: ما قال حمّاد شعرا قطَّ هو أشدّ علي من هذا، قلت: كيف ذاك ولم يهجك فيه؟ وقد هجاك في شعر كثير فلم تجزع. قال: لأن هذا شعر جيّد ومثله يروى، وأنا أنفس(٥) عليه أن يقول شعرا جيّدا.
  إعجاب محمّد بن النطاح بشعره
  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال: حدّثني هارون بن عليّ بن يحيى المنجّم قال: حدّثني عليّ بن مهديّ قال: حدّثني محمّد بن النطَّاح قال: كنت شديد الحبّ لشعر حمّاد عجرد، فأنشدت يوما أخي بكر بن النطَّاح قوله في بشّار:
  أسأت في ردّي على ابن استها ... إساءة لم تبق إحسانا(٦)
  فصار إنسانا بذكري له ... ولم يكن من قبل إنسانا
  قرعت سنّي ندما سادما ... لو كان يغني ندمي الآنا(٧)
(١) في الأصول: «إلى مضجع» وهو تحريف، والتصويب عن «مختار الأغاني».
(٢) في ب، س، ها «وللقاصد المعتل والمتردد. وما أثبتناه عن ط، مط، مب».
(٣) هذه التكملة ساقطة من ب، س، ج. وقد أثبتناها عن ط، مط، مب، ها.
(٤) ثبير: جبل بظاهر مكة.
(٥) نفس عليه الشيء كفرح نفاسة: لم يره أهلا له.
(٦) في ب، س «أسأت في ردّي لمن أسأنا» والتصويب عن ج، ط، مط، مب، ها. ومعنى «على ابن استها» على ابن الأمة، وكانت العرب تسمي بني الأمة: «بني استها» ويقال للذي ولدته أمه: «يا بن استها» يعنون است أمة ولدته، أي أنه ولد من استها، قال الأعشى:
أسفها أوعدت يا بن استها ... لست على الأعداء بالقادر
انظر («لسان العرب» مادّة سته).
(٧) السدم محرّكة: الهمّ أو مع ندم أو غيظ مع حزن، سدم كفرح فهو سادم وسدمان.